للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم دعا محمدا فقال: " أما سمعت بما أوصيت به أخويك؟ " قال: بلى. قال: فإني أوصيك به. وعليك ببرِّ أخويك، وتوقيرهما، ومعرفة فضلهما. ولا تقطع أمرا دونهما ". ثم أقبل عليهما فقال: " أوصيكما به خيرا، فإنه سيفكما وابن أبيكما. وأنتما تعلمان أن أباه كان يحبُّه فأحبَّاه ".

ولما أُدخل ابن مُلجم، عدوُّ الله، على عليٍّ رضي الله عنه، قال له الذين أدخلوه: يا عدوَّ الله، لا بأس على أمير المؤمنين. قال: فعلام تبكي إذا أمُّ كلثوم؟ والله لقد ضربته ضربة لو كانت بأهل مِنىً لوسعتهم. ولقد سقيت سيفي السُّمَّ حتى لفظه، وما كان ليخونني.

ولما مُثِّلَ بين يدي عليّ قال: " احبسوه، واحسنوا إساره، فإن أعيش فسأرى فيه رأيي في العفو أو القِصَاص. وإن أمُتْ فقتلُ نفس بنفس، ولا تمثِّلوا به ".

ولما دُفن علي رضي الله عنه أراد الحسن أن يقتل عدوَّ الله ابن ملجم بضربة واحدة. فقال عبد الله بن جعفر: كلا والله حتى أذيقه العذاب الأليم. فقطعه عضوا عضوا حتى مات، لعنه الله.

وروي أن البُرَك الصَّريميُّ وزادوايهِ فارقا ابن ملجم من الكوفة على ما تعاقدوا عليه. فذهب البركُ إلى الشام إلى معاوية للفتك به، فضربه على إليته، وهو في الصلاة. فأمر به، فحُبس، وأراد قتله. فقال له البَرْك: لا تعجل واحبسني فإن في هذه الليلة قُتل علي. فقال: ويلك، وما يُدريك؟ قال: إنا تواعدنا ثلاثة لقتل علي وقتلك وقتل عمرو بن العاصي. فإن وجدت الأمر على خلاف ما قلتُ فاضرب عنقي. فوصل الخبر إلى معاوية بقتل علي، كما ذكره البرك فأطلقه بعدما قطع يده ورجله. ثم قتله بعد ذلك زياد بن سُميَّة بالكوفة.

ودعا معاوية بالطبيب فقال له: إنَّ الضَّربة مسمومة فاختر لي إحدى خَصلتين؛ إما أن تصبر على الكيِّ، وأما أن أسقيك شربة تقطع عنك الولد. فقال: لا صبر لي على النار، ولي يزيد وعبد الله كفاية. فسقاه الشربة، فلم يولد له بعدها.

وذهب زَاذَويهِ إلى مصر للفتك بعمرو بن العاصي. فدخل المسجد فضرب

<<  <  ج: ص:  >  >>