للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الطبريُّ أيضا عن الشعبيِّ قال: لزم الخطام يوم الجمل سبعون رجلا من قريش، كلهُّم يقتل، وهو أخذ بالخطام. وحمل الأشتر فاعترض عبد الله بن الزبير، فاختلفا ضربتين، ضربه الأشتر فأمَّه وواثبه عبد الله، فاعتنقه فصرعه. فجعل يقول: اقتلوني ومالكا.. وكان له ألف نفس، ما نجا منها شيء. وما زال يضرب في يدي عبد الله حتى أفلت. وكان الرجل إذا حمل على الجمل ثم نجا لم يعد. وجرح يومئذ مروان وعبد الله بن الزبير.

وذكر الطبريُّ عن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: أمسيت يوم الجمل، وبي سبعة وثلاثون جراحة من طعنة وضربة. وما رأيت مثل يوم الجمل قطُّ، ما ينهزم منا أحد، وما نحن إلا مثل الجبل الأسود، وما يأخذ أحد بخطام الجمل إلا قتله. فأخذ عبد الرحمن بن عتاب فقتل، وأخذه الأسود بن أبي البختريِّ فصرع. وجئت فأخذت بالخطام، فقالت عائشة: من أنت؟ قالت: ابن الزبير. قالت: واثكل أسماء. ومرِّ بي الأشتر، فعرفته فعانقته فسقطنا جميعا. فناديت: اقتلوني ومالكا. فجاء ناس منا ومنهم، فقاتلوا عنا حتى تحاجزنا، وضاع الخطام. ونادى علي: اعقر الجمل، فإنه إن عقر تفرَّقوا. فضربه رجل فسقط، فما سمعت صوتا قطُّ أشدَّ من عجيج الجمل. وأمر علي محمد بن أبي بكر فضرب على عائشة قبَّة، وقال: انظروا هل وصل إليها شيء؟ فأدخل رأسه فقالت: من أنت ويلك؟ قال: أبغض أهلك إليك. قالت: أأنت أبن الخثعمية؟ قال: نعم. قالت: بأبي أنت وأمي الحمد الله الذي عافاك.

وعن دينار أبي العيزار قال: سمعت الأشتر يقول: لقيت عبد الرحمن بن عتَّاب بن أسيد، فلقيت أشدَّ الناس وأحرقه. فما لبثة أن قتلته، ولقيت الأسود بن عوف، فلقيت أشدَّ الناس وأشجعه. فاستعلاني فما كدت أنجو، فتمنيت أني لم أكن لقيته. ولحقني جُندب بن زهير الغامديُّ فضربته، ولقيت عبد الله ابن الزُّبير فلقيت أشدَّ الناس وأروعه فعانقته فسقطنا إلى الأرض جميعا فنادى: اقتلوني ومالكا.

وأوى عبد الله بن الزبير بعد الهزيمة إلى دار رجل من الأزد يُدعى وزيرا

<<  <  ج: ص:  >  >>