للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه لو اقتصر على صدر البيت كان مدحاً غير كامل، لأن موت الجميع قتلى وإن اقتضى وصفهم بالصبر، فهو يحتمل أن يكون عن ضعف وقلة جد في الحروب، فاحترس عن ذلك بأن قال:

وما طل منا حيث كان قتيل

وأحسن من ذلك كله قوله: " حيث كان " فإنه أبلغ وصف في الشجاعة من التكميل في النسيب قول كثير كامل:

لو أن عزة خاصمت شمس الضحى ... في الحسن عند موفق لقضى لها

فقوله: عند موفق تكميل حسن، غلا أنه دون الأول، وإنما كان مثل هذا تكميلاً لأنه لو قال: عند محكم لتم المعنى، لكن في قوله عند موفق زيادة كمل بها حسن البيت، والسامع يجد لهذه اللفظة من الموقع الحلو في النفس ما ليس للأولى، إذ ليس كل محكم موفقاً، فإن الموفق من الحكام من قضى بالحق لأهله، وفي ذلك إشارة إلى أن عزة تستحق الحسن دون شمس الضحى، فيكون بهذه اللفظة مع التكميل مبالغة، والتكميل هاهنا من تكميل المعاني النفسية لا تكميل المعاني البديعية ولا الفنون.

ومن التكميل الحسن قول أبي الحسين المتنبي وافر:

أشد من الرياح الهوج بطشا ... وأسرع في الندى منها هبوبا

فإنه فطن إلى أنه لو أقتصر على وصفه بشدة البطش دون أن يضيف

<<  <   >  >>