للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا أظلم الليل تأنس كل وحشتي، وتوحش كل إنسى. يريدون بتأنس استأنس، وبتوحش استوحش. ومثل وحش بمعنى توحش قدم بمعنى تقدم، ونبه بمعنى تنبيه. وعلى هذا يحمل قول امرىء القيس:

وأنا المنبه بعد ما قد نوموا ... وأنا المعالن صفحة النوام

لأنه لم يجعل منبه بمعنى متنبه يصير عجز البيت كصدره في أنهما بمعنى واحد. وقال بعضهم: وحشوا معناه اطلبوا صيد الوحش وتقوتوه. وهذا يرجع معناه إلى ما ذكرناه؛ لأن معناه فارقوا الناس والكون معهم. وخصت الأبرق لأنه كان مما وليهم، وهو المكان فيه حجارة سود وبيض. ويقال: جبل أبرق، إذا كانت طاقاته سوداً وبيضاً.

وقولها وخذوا المكاحل، تريد: اجعلوا بدل السلاح آلات النساء: والمجاسد: جمع المجسد، وهو الثوب المشبع صبغاً. والجساد: الزعفران. والنقب: جمع نقبة، وهي إزار تجعل له حجزة كحجزة السروايل تلبسه المرأة. قال:

بيضاء مثل القلب ... في نقبة وإنب

والإنب: القميص.

والمعنى: إن لم تثأروا لصاحبكم فتزيزا بزي النساء فإنكم إناث، وبئس رهط المرهق: المضيق عليه أنتم. وحذف المذموم ببئس، وهو أنتم، لأن المراد مفهوم. وهذا الكلام بعث وتحضيض على طلب الدم، فهو كقول أخت عمرو حين بعثت عمراً على طلب دم أخيه عبد الله فقالت:

فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم ... فمشوا بآذان النعام المصلم

ولا تردوا إلا فضول نسائكم ... إذا ارتملت أعقابهن من الدم

وقولها ألهاكم أن تطلبوا تهييج وإغراء. والخزير: حساء يحسى. والأجرد: الأمحق، يراد به نحي أو زق دبي. والأمحق: القليل، كأنه يصير لكم محقاً لا يبارك

<<  <   >  >>