للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لاختلاطهما. قال سيبويه: وقد يجوز في القياس خمسة عشر من بين يوم وليلة، وليس على حد كلام العرب.

وقوله لمن لا نصافح يجوز أن يكون من المصافحة المعروفة، ويجوز أن يكون من صفحت الناس، أي نظرت في أحوالهم.

فقام أبو ضيف كريم كأنه ... وقد جد من فرط الفكاهة مازح

إلى جذم مال قد نهكنا سوامه ... وأعراضنا فيه بواق صحائح

يعني بأبي الضيف نفسه، وهذا كما يقال: هو أو مثواي، وهي أم مثواي. وجعله كالمازح المفاكه لما أظهره من التطلق والبشاشة، وإظهار السرور بما يأتي من توفير الضيافة والاحتفال فيه، وإيناس الضيف والبسط منه، محتفاً بالضيافة. وارتفع مازح على أنه خبر كأن. وموضع وقد جد موضع الحال، كأنه قال: يشابه المازح من فرط الفكاهة وهو جاد، لأنه قاضي ذمام، وباني مكارم. ويقال: فاكهته بملح الكلام، وهي الفكيهة والفكاهة.

وقوله إلى جذم مال تعلق إلى بقام، ويريد بالقيام غير الذي هو ضد القعود، وإنما يريد به الأشغال له بما يؤنسه ويرحب منزله ويطيب قلبه. على ذلك قوله تعالى: " إذا قمتم إلى الصلاة "، لأنه لم يرد القيام المضاد للقعود، بل أراد التهيؤ والتشمر له. والجذم: الأصل. ومعنى نهكنا سوامه أثرنا في السائمة من المال بما عودناها من النحر والتفريق. ويقال: نهكه المرض، إذا أضر به. وقوله: وأعراضنا فيه بواق صحائح، أي نفوسنا باقية على حدها من الظلف والصيانة، لم تشنها الأفعال الذميمة، ولا كسرتها التكاليف المبخلة، فهي سليمة لا آفة بها، ولا عار يكتنفها، وإن كانت أموالنا مشفوهة مقرفة.

جعلناه دون الذم حتى كلأنه ... إذا عد مال المكثرين المنائح

لنا حمد أرباب المئين ولا يرى ... إلى بيتنا مال مع الليل رائح

الضمير من قوله جعلناه، للمال، أي وقينا به أنفسنا من لوم اللائم، ودرن العائب. وقوله: كأنه المنائح، يريد أن إبلنا، وإن كانت ملكاً لنا، فهي كالعوارى عندنا، لما يتسلط عليها بأفعالنا من النقلة والتغييرات. والمنائح: جمع المنيحة، وهي

<<  <   >  >>