للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كما قال الآخر:

ودار حفاظ أطلنا المقام ... بها فحللنا محلاً كريماً

إذا كان بعضهم للهوان ... خليط صفاء وأما رءوماً

وقال:

جزى الله خيراً غالباً من عشيرة ... إذا حدثان الدهر نابت نوائبه

فكم دافعوا من كربة قد تلاحمت ... علي وموج قد علتني غواربه

يقول متشكراً وداعياً: جزى الله غالباً من بين العشائر خيراً أشد ما كان حاجة إلى من يكافئه على مستحدث بلائه الحسن في أضيق أوقات النوب، فكممرة دافعوا دوني واشتلوني من كرب انضمت علي، وأطبقت لها الدنيا بظلامها لدي، فكأني غريق تتلاعب الأمواج بي، وتقامسني في غمارها، وترادني في لججها.

وقوله: حدثان الدهر، مصدر حدث. الكربة: الاسم من الكرب، وهو الغم الذي يأخذ بالنفس. والمتلاحم: الملازم بعد أن كان متبايناً. ويقال: التحم وتلاحم بمعنى. والغارب: أعلى الموج، وأعلى الظهر. ومنه قولهم: حبلك على غاربك. وكم موضعه من الإعراب نصب على الظرف، والمعنى فمراراً كثيرة دافعوا دوني.

إذا فلت عودوا عاد كل شمردل ... أشم من الفتيان جزل مواهبه

إذا أخذت بزل المخاض سلاحها ... تجرد فيها متلف المال كاسبه

يقول: إذا عرض على كل واحد من بني غالب معاودة الحروب والكرور فيها عاد منهم كل رجل تام الخلقة ممتد القامة، كريم النفس، كثير العطية. وأصل الشم ارتفاع الأنف. ولك ان تروى: أشم جزل، وأشم جزل، فالرفع على كل والجر على شمردل. والشمردل: الطويل. والشمم كناية عن الكرم.

<<  <   >  >>