للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت له أقبل فإنك راشد ... وغن على النار الندى وابن ثائل

المشبوبة: النار، وتوسعوا فقيل: شببت الحرب، كما قيل شببت النار. ولج الليل: معظم ظلمته، وكذلك لج البحر. والصمد: الجبل أو الأرض المرتفعة. جعل ناره في يفاع مقابل لسمت الضيف، فدعاه بها لما أعلاها ورفعها حتى اهتدى لها. وهذا مثل ما قد شرحته.

وقوله فقلبت له أقبل فإنك راشد أي قويت نفسه في النزول، وأريته استبشاري له وانتظاري إياه. ألا ترى أنه قال: وإن على النار الندى وابن بامل. ولولا اشتهاره بالطول والإفضال لما قال ذلك. وهذا مثل قول الأعشى:

وبات على النار الندى والمحلق

وداع دعا بعد الهدو كأنما ... يقاتل أهوال السري وتقاتله

دعا بائساً شبه الجنون وما به ... جنون ولكن كيد أمر يجاوله

يعني بالداعي مستنبحاً طلب بعد أن مضى من الليل قطعة من يغيثه ويستنقذه من هول الليل، وبلاء الضر، حتى كأنما كان يقاتل أسباب السري لشدة الأمر عليه، وتقاتله، أي بلغ الحال به حداً رأى السري تغالبه عن نفسه، وتصارعه عنها.

وقوله دعا بائساً يعني كلباً ذا بؤس لضرر القحط، ويكون على هذا مفعولاً. ويجوز أن ينتصب على الحال للداعي، أي دعا وهو ذو بؤس. ويجوز أن يريد دعا دعاء عن بؤس يشبه الجنون. فأما تكريره للدعاء فهو لتهويل الأمر وتفظيع الشأن. وانتصب شبه الجنون أي دعاء يشبه الجنون، فهو صفة للمصدر المحذوف. قال: وليس به جنون، لكنه يكابد أمراً، ويعاني مشقة وضراً، فهو يطلب الخلاص من محنة

<<  <   >  >>