للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله نسلف الجار شرباً وهي حائمة الحائمة: العطاش؛ يقال: هو يحوم حول الماء. إذا دار حوله. وهو حائم لائب، إذا اشتد عطشه وحام حول الماء. فيقول: نقدم الجار على انفسنا عند سقي الإبل وإن كانت إبلنا عطاشاً، كأنا نجعل الزيادة على نصيبه كالسلف عنده. ويقال: أسلفت كذا وسلفت جميعاً. وقوله ولا تبيت على أعناقها قسم يعني الأيملن التي يؤك بها المعاذير والعلل عند المنع والبخل. فيقول: لا تبيت صرمتنا وقد لزمها كفارة يمين احتجزت بها عن البذل. ولك أن ترى: تسلف الجار بالتاء، حتى يكون الإخبار في العجز والصدر عن الإبل، والحال لا تلتبس في أن ذلك كله لأربابها.

وقوله ولا تسفه عند الحوض عطشتها، أي لا تستخف حاجتها إلى الماء أحلامنا فنبطش بشركائنا في الورد، ونفعل ما يفعله المتعزز والمقتدر من الهضيمة في الشرب، لأن شريب السوء هو الذي يتحفظ ويغضب فيحتدم. والاحتدام: شدة الإحماء. قال الأعشى:

وهاجرة حرها محتدم

[وقال يزيد بن الجهم الهلالي]

لقد أمرت بالبخل أم محمد ... فقلت لها حتى على البخل أحمدا

فإني أمرؤ عودت نفسي عادة ... وكل امرىء جار على ما تعودا

يقول: أمرتني هذه المرأة بالإمساك عند البذل: والإبقاء على المال، فقلت لها حتى على البخل وابعثي عليه إنساناً أحمد لك وأرضي بوعظك مني، فيكون أحمد مفعولاً، وقد نابت الصفة عن الموصوف. ويروى: حثى على الجود أحمدا ويكون قوله أحمد منتصباً بإضمار فعل، كأنه لما قال حثى على الجود نوى ائتى ما هو أحمد لك. وهذا كما يقال: وراءك أوسع لك، واتق الله أعود لك. وفي القرآن: " انتهوا خيراً لكم ". ومن روى حثى على البخل، يجوز أن يكون أحمد اسماً علماً لولد لها أو قريب منها، فقال: أبعثي ذلك على البخل من

<<  <   >  >>