للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا أحبس المال إلا ريث أتلفه ... ولا تغيرني حال إلى حال

يقول: أنا وإن كان مالي لا يقوم بمؤني، وكان عاجزاً عن غاية خلقي، وقاصراً دون مدى بذلي وإفضالي، فإني أصب ما تملكه يداي فييض فيضاً لا أمنعه طالباً له كيف يتوسل، وبماذا يتوصل، إذ كنت لا أحبس المال ولا أخزنه إبطاءه إلا قدر الوقت في إتلافه وتفرقته، ولا تنقلنيحالة تعرض عن حالي الأولى فيما أعتاده وآلفه. يريد أنه مستمر فيما يجري عليه كيف واتاه الزمان، وأداره الأحوال. وقوله إلا ريث في موضع الظرف من لا أحبس.

[وقال سوادة اليربوعي]

لقد بكرت مي على تلومني ... تقول ألا أهلكت من أنت عائلة

ذريني فإن البخل لا يخلد الفتى ... ولا يهلك المعروف من هو فاعله

يقول: اغتدت هذه المرأة إلى لائمة وقائلة: لقد أهلكت من تكفله وتمونه، إذا كنت بعرض الفقر، لتضييعك ما تملكه، وسرفك فيما تبذله. فأجبتها وقلت: ارتكيني على عادتي، فإن البخل بالمال لا يبقى صاحبه، والبذل لا يميت معتاده. وقد مضى مثل هذا.

[وقال حطائط بن يعفر أخو الأسود]

تقول ابنة العتاب رهم حربتنا ... حطائط لم تترك لنفسك مقعداً

إذا ما أفدنا صرمة بعد هجمة ... تكون عليها كابن أمك أسودا

رهم ارتفع على البدل من ابنة العتاب، وحطائط منادى مفرد. ويقولون: ما ترك فلان لك مقاماً ولا مقعداً، أي لم يبق لك ما يمكنك الإقامة والقعود له به. والصرمة: الفليل من الإبل. والهجمة أكثر منها، لأنها تقع على الثلاثين أو الأربعين. فيقول: عاتبتني هذه المرأة في إنفاقي وإفضالي، وقالت: أفقرتنا يا حطائط، وأزلت تجملنا، وجنيت على نفسك أيضاً، إذ لم تترك من المال ما تكتفي به، وتستغني عن

<<  <   >  >>