للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: غمرني إحسانك، وغلبني برك واعتناؤك، لا جرم أني لما طلبت مقابلتك بالشكر على صنيعك بي، صرت كالمفرط مغلوباً وأنا مجتهد في الشكر، بالغ إلى أقصى الغايات في النشر، لكن إحسانك كثرني وخلفني بالبعد من غايته، لأنك كنت تعطيني الكثير من المال مبتدئاً لا عن سؤالٍ تقدم، ولا عن ذكرٍفي نفسك تردد، ومع ذلك كنت تستحقر عطاياك وتذدريها، وأنا أستكثرها وأعجز نفسي عن ضبطها وإحصائها، وأبلغ بها مبالغ المكثرين المتكلفين، ثم أرجع مغبوطاً عنك مرموقا، ومحسدا في الناس مذكورا، وترجع بخصلالكرم والسبق إلى الغاية المطلوبة، التي لها عند طلاب المكارم أول ييتدأ به، وآخر ينتهى إليه.

[وقال حبيب بن عوف]

فتى زاده السلطان في الحمدر غبة ... إذا غير السلطان كل خليل

يقول: لم يبطرك الغنى ولا أطغتك السلطنةونيل أسباب العلى في الدنيا، لكنها زادتك رغبة في الخير واكتساب الحمد بين الناسإذا غير مساعدة القدر، ومطاوعة الجد والجدة كل خليل لصاحبه.

والسلطان في غير هذه: الحجة، وقيل اشتقاقه من السليط: الزيت.

[وقال ابن الزبير، يمدح محمد بن مروان]

لا تجعلن مبدناً ذا سرةٍ ... ضخماً سرادقة وطئ المركب

كأغر يتخذ السيوف سرداقاً ... يمشي برايته كمشي الأنكب

قوله " مبدناً "، أي سمينا عظيم البدن، ويروى " مثدناً "، وهو العظيم الثندوة وعلى ما يقتضيه بناء الفعل يكون ثندوة مقلوبة والأصل ثدوةٌ، فعلوة، فأما ثندوةٌ بضم الأول والهمز فهو بناءٌ آخر. فكأنه يخاطب إنساناً فقال: لا تجعلن صاحباً لك همته في الأكل وتسمين البدن، وتحسين الهيئة والسحنة، فترى مركبه وطيئاً، وسرادقة

<<  <   >  >>