للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنفسه، ولا يدافع أحد دونه. وذكر بعضهم أن هذا المقتول هو بهدل بن قرفة، أحد بني نبهان، وأخذ بسبب دم ابن جعدة المخزومي فقتل بالمدينة صبراً. وما اقتص في الأبيات يدل على خلافه.

أما في بني حصنٍ من ابن كريهةٍ ... من القوم طلاب التراث غشمشم

هذا الكلام بعثٌ وتحضيض لأبناء حصن. والغشمشم: الذي يركب رأسه ولا يهاب الإقدام على شيء. والكلام لفظة استفهامٌ، والمعنى معنى التمني، كأنه يبعث ويحضض من يطلب دمه إذ فات نصرته حياً. فيقول: أما في هذه القبيلة ابن حربٍ متناهٍ في طلب الدم وإدراك الثأر، ظلومٌ غشوم، يركب الكرائه والأمور الصعبة، غير مرعوٍ ولا منقبض.

فيقتل جبراً بامرئ لم يكن له ... بواءً ولكن لا تكايل بالدم

جبرٌ هو القاتل لولي هذه المرأة. ويقال: باء فلانٌ بفلان يبوء بواءً، إذا ارتضى لقتله بدلاً منه. وأبأت فلاناً بفلانٍ، أي قتلته. وانتصب يقتل على أنه جواب التمني بالفاء، والعامل في الفعل أن مضمرة، أي أما فيهم رجلٌ هكذا فيقتل هذا الرجل برجل لم يكن له نظيراً، فيكون في دمه وفاءٌ بدمه، ولكن سقطت المكايلة في الدماء منذ جاء الإسلام، فلا يقتل بدل الواحد إلا واحدٌ، شريفاً كان أو وضيعاً.

وقال بعض بني فقعسٍ

رأيت موالي الأولى يخذلونني ... على حدثان الدهر إذ يتقلب

الموالي ها هنا: أبناء العم. والأولى في معنى الذين، ويخذلونني من صلته. يقول: رأيت أبناء عمي هم الذن يقعدون عن نصرتي على تقلب الزمان، وتصرف الحدثان. وقوله على حدثان الدهر في موضع الحال، أي يخذلونني مقاسياً لما يحدث في الدهر أوان تقلبه وتغيره.

فهلا أعدوني لمثلي تفاقدوا ... إذا الخصم أبزى مائل الرأس أنكب

قوله: تفاقدوا دعاء، وقد اعترض بين أول الكلام وآخره، ولكنه أكد مايقتصه فصلح لذلك. يقول: هلا جعلوني عدة لرجلٍ مثلي، فقد بعضهم بعضاً وقد جاءهم

<<  <   >  >>