للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخصم متأخر العجز مائل الرأس منحرفاً. وهذا تصويرٌ لحال المقاتل إذا انتصب في وجه مقصوده، وهو أبلغ في الوصف من كل تشبيه، ومثله قول الآخر: جاءوا بمذقٍ هل رأيت الذئب قط ألا ترىأنه صور لون المذق لما قال: هل رأيت الذئب قط؟ وقوله: إذا الخصم هو حكاية الحال المتوهمة، وهو الرواية المختارة. وقد روي: إذا الخصم والجملة التي تبين بها إذا هذه يجب أن يكون فيها فعلٌ، وقد عريت منه ها هنا، وأظن أن الأخفش جوز مثله. والمعنى: لم أفاتوني أنفسهم، وهلا ادخروني ليوم الحاجة إذا كان الخصم هكذا. وأراد بالخصم الجنس. وقال الأصمعي: البزي: تأخر العجز. وقال غيره: هو إشراف وسط الظهر على الإست. والبيت يشهد للأصمعي. والنكب: شبه الميل في المشي ومنه الأنكب من الإبل، وهو الذي يمشي في شق.

وهلا أعدوني لمثلي تفاقدوا ... وفي الأرض مبثوثٌ شجاعٌ وعقرب

الكلام في تفاقدوا وأنه دعاءٌ واعتراض، على ما مر. وإنما وكرر ما كرره على وجه التأكيد، وتفظيعاً للأمر. والمعنى: هلا جعلوني عدة لرجلٍ مثلي في البأس، فقد بعضهم بعضاً. وقد انتشر في الأرض أعداءٌ كثيرة، وأنواعٌ من الشر فظيعة. والشجاع: الحية. وكنى بالعقرب وبه عن الأعداء والشر. وارتفاع شجاعٌ، يجوز أن يكون على البدل، ويجوز أن يكون على الابتداء ومبثوثٌ خبرٌ له قدم عليه، ويجوز أن ينصبمبثوث على الحال، ويجعل في الأرض الخبر. ولم يثن مبثوث لأن القصد بالشجاع والعقرب إلى خيل الأعداء والشر، فكأنهما شيءٌ واحد.

فلا تأخذوا عقلاً من القوم إنني ... أرى العار يبقى والمعاقل تذهب

لك أن ترفع المعاقل على الاستئناف، ولك أن تحمله على ما قبله فتطفه على العار. يقول: لا ترغبوا في قبول الدية فإنه عارٌ، والعار يبقى أثره، والأموال تفنى. والمعاقل: جمع المعقلة. والمعقلة والعقل: الدية، وأصله الإبل كانت تعقل بفناء ولي المقتول، وهو مصدرٌ وصف به. وحكى الأصمعي: صار دمه معقلةً على قومه، أي صاروا يدونه.

<<  <   >  >>