للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجوز أن يكون العامل في إذا " ما نسبتني " لأن ذا قد أضيف إليه وبين به، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف. ويجوز أن يكون إذا الأولى بما اتصل به وما عمل فيه الجملة في جواب إذا الثانية، كأنه قال: إذا لم تقل بطلاً فلعمرك ما أخزى إذا ما نسبتني. وانتصب " بطلاً " على أنه مفعول لم تقل، لأن القول يحكى بعده الجمل فيعمل في مواضعها لا في لفظها، ويقع المفرد بعده - إذا كان معنى الجملة - منصوباً به.

ولكنما يخزي امرؤٌ يكلم استه ... قنا قومه إذا الرماح هوينا

هذا تعريض بالمخاطب، يقول: أنا لا أخزي إذا ذكر مسعاة آبائي على حدها وحقها، إنما يخزي لذلك رجلٌ هذا صفته ونعته، وهو أنه يجرح استه، لكونه مولياً ومنهزماً، رماح قومه إذا شرعت للطعن. وإنما قال " قنا قومه " لأنه أشار في تعريضه إلى حالةٍ اتفقت للمخاطب مع أبناء عمه. وكل جرحٍ صغر أو كبر فهو كلم.

فإن تبغضونا بغضةً في صدوركم ... فإنا جدعنا منكم وشرينا

قوله " في صدروكم " بما تعلق به في موضع الصفة للبغضة. والمعنى: إن انطوت صدروكم لنا على بغضةٍ راسخةٍ فيها، متمكنةٍ منها فغير مستنكرٍ عندنا ولا مستطرفٍ من أحوالنا، لأن ما ارتكبناه فيكم من جدع الأنوف وبيع النفوس بإذلالنا إياكم، وبما أخذناه في فدائكم، يوجب البغضاء، ويقتضي الشنآن.

ونحن غلبنا بالجبال وعزها ... ونحن ورثنا غيثاً وبدينا

يعني بالجبال أجأ وسلمى وهضابهما، ولذلك جمع. وقوله " وعزها " أراد وعز أربابها وسكانها. ويجوز أن يريد العز الذي يحصل لهم عند التحصن بها. وطيئٌ أبداً تفتخر بذلك، لأنهم إذا اعتصموا بها لم تتوصل الأعداء إليهم فيها. وغيثٌ وبدينٌ: قبيلتان. يريد: ورثنا أحسابهم ومفاخرهم. وغيث: فيعلٌ من الغوث، وفي بطون طيئٍ بطنٌ يقال لهم الغوث، ومنهم أبو زبيدٍ الطائي.

وأي ثنايا المجد لم نطلع لها ... وأنتم غضاب تحرقون علينا

<<  <   >  >>