للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال حريث بن عنابٍ

تعالوا أفاخركم: أأعيا وفقعس ... إلى المجد أدنى أم عشيرة حاتم

يقول: هلموا أنافركم: أهؤلاء البطون أقرب إلى المجد أم رهط حاتم؟ وبنو أعيا: من بني سعد بن قيس، وبنو فقعس: حيٌ من بني أسد. وروى بعضهم: " أأعيار فقعسٍ "، يريد رؤساء فقعسٍ. ورغم أن أعيا لا يعرفه اسم قبيلةٍ، وأن هذا تصحيف استدركه. فأما إنكاره لأعيا قبيلةً فلا وجه له لأن بني أعيا من قبائل سعد بن قيس، وهو مشهورٌ ذكره النسابون وغيرهم، ووهب بن أعيا بن طريفٍ الأسدي، معروفٌ معدود في الأعلام. وأما من طريق النظم فلأن تكون القبيلة مقابلةً بمثلها، ومذكورةً في المنافرة معها - أحسن من أن يقابل الأفراد بالقبيلة. و " أعيار " إشارةٌ إلى الأفراد، لأنه يراد بها الرؤساء. يقال: هو عير قومه، أي سيدهم. هذا وقد رجعنا إلى نسخٍ مختلفات المصادر، فوجدناها متوافقةً في تحملها " أعيا وفقعس ". وإذا كان كذلك لا يجوز العدول عما قاله الشاعر إلى ما لم يقله. وقوله " أأعيا وفقعسٌ " استفهام في الأصل نقل عن بابه، والمعنى: أنافركم بالقضية التي تكون نتيجة هذا الاستفهام، وقوله " أدنى إلى المجد " لم يثنه وإن كان خبراً عن اثنين، لأنه افعل الذي يتم بمن، وقد دخل عليه الاستفهام، فيجب أن يستوي فيه الواحد والاثنان، والمذكر والمؤنث. وهذا الكلام لو أتى به على وجهه لكان: أم عشيرة حاتم أدنى إلى المجد منهم، لكنه حذف إذ كان المراد مفهوماً. وإنما جاء على حرف الاستفهام ليبصروا ضلالتهم. وفي طريقته بيت جرير:

هلموا نحاكمكم ففي الحكم مقنعٌ ... إلى الغر من آل البطاح الأكارم

والتقدير: أنافركم أيهم أمجد وأعرف. وحاتمٌ المذكور هو حاتم بن عبد الله الطائي. و " تعال " كان يقوله من هو في رابيةٍ للمتسفل، لأنه تفاعل من العلو، فكثر استعماله حتى جرى مجرى هلم، فصار المتسفل يقوله عند الدعاء المستعلي.

إلى حكمٍ من قيس عيلان فيصلٍ ... ومن آخر حيي ربيعة عالم

<<  <   >  >>