للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل: أراد بأحد الحكمين عامر بن الظرب وبالآخر دغفلاً النسابة. والفيصل: الذي يفصل الأمور، والياء دخلته لتلحقه ببناء جعفر، كما أن الضيغم فيعلٌ من الضغم، والبناءان بحصول الياء فيهما صارا صفتين بعد أن كانا مصدرين، لأن فصلاً من دون الياء مصدر فصل، كما أن ضغماً من دون الياء مصدر ضغم، فلما حصل الياء فيهما وصف بهما وأفادا مبالغةً في المعنى. ألا ترى أن فيصلاً يفيد ما لا يفيده فاصلٌ، وكذلك ضيغمٌ يفيد ما لا يفيد ضاغم، فاعلمه.

ضربنا حتى إذا قام ميلكم ... ضربنا العدى عنكم ببيضٍ صوارم

قام له بمعنى تقوم وترك الخلاف، وقام عليه بمعنى داوم ولازم. والقرآن: " إلا ما دمت عليه قائماً ". يقول: قد عنا كم بالمكروه، حتى إذا بان لنا فيئتكم واستقامتكم، حينئذٍ ذببنا الأعداء عنكم بسيوفٍ قواطع. والمعنى: نعاملكم بمعاملة الأعداء، فإذا استقمتم لنا وذهب الخلاف عنكم، ضممناكم إلى أنفسنا، وحمينا عليكم مع الأولياء.

فحلوا بأكنافي وأكناف معشري ... أكن حرزكم في المأقط المتلاحم

في جمعه للأكناف ظهور تجبرٍ فيهم، وأخذ بالتعلي عليهم. يقول: انزلوا بجنابي وجناب عشيرتي، وتحصنوا بفنائي وفناء قومي أكن كهفكم في المضيق من الحرب المتلاصق. والمتلاحم، يجوز أن يكون من اللحام، لأن كل شيء كان متبايناً ثم تلازم يقال فيه: التحم وتلاحم، ويجوز أن يكون من الملحمة، لأن أهلها يتلاحمون فيها. يقال: لحمته فهو لحيمٌ، أي قتلته. قال الهذلي:

فلا ريب أن قد كان ثم لحيم

<<  <   >  >>