للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استفهاماً. وتقول: مررت بما صالحٍ، ومررت بمن كريمٍ. تريد بإنسانٍ كريمٍ. وقد حمل قوله عز وجل: " مثلاً ما بعوضة "، على أن معناه مثلاً شيئاً بعوضة. والطرب: خفةٌ تعتري لعارض سرورٍ أو همٍ:

فإني مثل ما تجدين وجدي ... ولكن أصحبت عنهم قروني

هذا الكلام اعترافٌ بالحب، وتسويغٌ لحنين الناقة وإن كره التذكير الحاصل منه. والشجو المنتج عنه. وقوله مثل ما تجدين يجوز أن يكون خبراً مقدماً والمبتدأ وجدي، فيكون التقدير: إنى وجدي مثل ما تجدين، والجملة خبر إن. ويجوز أن يكون مثل خبر إن، ووجدي بدلٌ من ياء الضمير المتصل بإنى، كأنه قال: إن وجدي مثل ما تجدين. وما بمعنى الذي، وتجدين من صلته، والضمير العائد إليه محذوف، كأنه قال: مثل ما تجدينه، أي مثل الوجد الذي تجدينه. ويجوز أن يكون ما مع الفعل في تقدير مصدرٍ، كأنه قال: إنى وجدي مثل وجدك. والأصل في إنى إنني، لكنه حذف نونه لاجتماع ثلاث نونات، ويجوز أن يكون لم تأت بنون العماد كما لم يؤت به في لعلي وليتي، والمعنى إن وجدي مثل وجدك، ولكن تابعتني نفسي باليأس منهم، وأنت لا تعرفين اليأس. والإصحاب: الانقياد. والقرون والقرونة: النفس. ويقولون: أخذت قروني من هذا الأمر، أي رفضته واطرحته.

رأوا عرشي تثلم جانباه ... فلما أن تثلم أفردوني

يقول: رأوا عزي قد تهدم جانباه، وانهد ركاناه، فلما صار أمري كذلك تركوني وحيداً، وقعدوا عن مشايعتي ومتابعتي، فدعتني الحال إلى مفارقتهم، والتحول عنهم. والعرش: سرير الملك، وقوام أمر الرجل وعزه، فإذا زال قيل: ثل عرشه وتثلم. وقد ألم في هذا بقول أوسٍ:

وهم لمقل المال أولاد علةٍ

وبقوله:

بنو أم ذي المال الكثير

<<  <   >  >>