للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد كنت أجريه على وجهه ... وأكثر الصد عن الجاهل

يقول: كنت أجري الشعر على حقه وكنهه، وأقرضه مستمراً فيه على حده أيام شبابي، وقبل ارتداعي، ومع ذلك كنت أكثر الإعراض عن الجهال، وأتصون عن مكايلتهم وموازنتهم. وهذا يجري مجرى قول الآخر:

إني امرؤٌ مكرمٌ نفسي ومتئدٌ ... من أن أقاذعها حتى أجازيها

والمعنى أربأ بقدري عن مقارضة الشعر، ومجاذبة السفهاء، ولكن إن دعت الحال معهم، والضجر بهم، إلى المجازاة مع مراجعة الحلم، فبالفعل لا بالقول، وعلى هذا كنت قبل هذا الأوان مع الجهال.

وقال آخر:

زعم العواذل أن ناقة جندبٍ ... بجنوبٍ خبتٍ عريت وأجمت

يقول: قال اللوائم عاتبةً على جندبٍ، ومنكرةً لتودعه وميله إلى الراحة والخفض وترك السفر: إن ناقته حط عنها رحلها، وأزيل كلالها، فهي جامةٌ بجنوب خبتٍ: والخبت، أصله ما اطمأن من الأرض. ويقال أخبت الرجل، إذا صار في الخبت؛ وتوسع فيه فقيل للمتأله الخاشع: هو مخبتٌ.

كذب العواذل لو رأين مناخنا ... بالقادسية قلن لج وذلت

أبطل قولهن فذكر أنهن لو رأين منزلنا ومبركنا بهذا البلد، لقلن لج جندبٌ في السير وذلت الناقة. ويجوز أن يكون قوله مناخنا لم يشر به إلى إناخةٍ وإلى موضعٍ لها، وإنما يكون كقوله:

فإن المندى رحلة وركوب

فيكون المعنى: لو رأين ما جعل بدلاً لناقتنا في موضع الإناخة لقلن ذلك. ومثله:

تعليقها الإسراج والإلجام

<<  <   >  >>