للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبعد النهايات في المعاونة والإحلاب. وهذا مثلٌ ضربه لا ستقلالهم فيما نهضوا فيه بعددهم وعدتهم، وبلائهم وصبرهم واستفنائهم عن القاعدين عن التحمل معهم والذب عنهم من عشيرتهم. وقوله: أنخنا كنايةٌ عن الإقامة والثبات في وجوه الأعداء، إلى أن وصلوا إلى المراد.

؟ وقال أبو صخرٍ الهذلي:

رأيت فضيلة القرشي لما ... رأيت الخيل تشجر بالرماح

جعل القرشي جنساً لا عيناً. والمعنى: رأيت فضيلة القرشيين حين قستهم إلى غيرهم عند اشتجار الخيل بالرماح، وانتظامها بها للطعن المختلف بينهم، المتردد فيهم. وجواب لما مقدمٌ، وهو رأيت في صدر البيت. يريد: عند هذا الأمر بأن فضلهم على الناس، وقوله تشجر كل شيءٍ دخل بعضه في بعض فقد تشاجر، ومنه سمي المشجب مشجراً، وتشاجر القوم بالرماح: تطاعنوا.

ورنقت المنية فهي ظلٌ ... على الأبطال دانية الجناح

انعطف رنقت على الفعل الذي تناوله لما. فيقول: ولما استدارت المنية وحلقت على رءوس الأبطال، فهي ظلٌ دانية الجناح من قمم رءوسهم. وهذا مثلٌ. والمعنى: لما أشرفت المنية عليهم إشراف الطائر على ما يريد إنكداره عليه، بانت فضيلتهم. ويقال: رنق الطائر في الهواء، إذا حلق واستدار، وجعل للمنية ظلاً تحقيقاً للاستعارة من الطائر، لأنه يوقع ظله في تلك الحالة. وجعل الجناح دانياً تأكيداً لطمع الموات في الفوز بالأرواح الاختلاس. وكذا الطائر في التحليق عند الانقضاض. وارتفع دانية الجناح وظلٌ جميعاً على أن يكونان خبرين لقوله هي، كما تقول: هذا حلوٌ حامضٌ، ويجوز أن يكون دانيةً صفة للظل، وأنثها على المعنى. ويجوز أن يروى دانية بالنصب على أن يكون حالاً.

<<  <   >  >>