للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا ظلم المولى فزعت لظلمه ... فحرك أحشائي وهرت كلابيا

يبين كيف يتعصب لمواليه، وكيف يأنف من اهتضام يلحقهم، يقول: إذا اهتضم حليفٌ لي أو ابن عمٍ، ذعرت لامتهانه واهتضامه، فاضطرب أحشائي ونبحت كلابي. والمعنى: لم أعتد الهضيمة فيمن يتصل بي، ويتسبب إلي، فإذا اتفق وقوعها صارت كلابي تنبح، وأخذت نفسي تقلق. فيجوز أن يكون تحركت أحشاؤه لو جيب قلبه وخفقانه، ونبحت كلابه لتهيئه للانتقام، وتدججه في السلاح له، وتجمع أصحابه وإعدادهم الخيل والرجل لإغاثته. والكلب ينكر أصحابه إذا رآهم بهذه الأحوال فينبح. أنشد الأصمعي في مثله:

أناسٌ إذا ما أنكر الكلب أهله ... حموا جارهم من كل شنعاء مظلم

ووجهٌ آخر، وهو أن يكون تحركت أحشاؤه لاضطرابه في جمع من يجمع، وإعداد ما يعد، والمتسرع في الشيء يلحقه ذلك، ومثله.

أشارت له الحرب العوان فجاءها ... يقعقع بالأقراب أول من أتى

فقعقعة الأقراب كتحرك الأحشاء وأكثر. ويكون معنى فزعت أغثت على هذا. ومثله قوله:

حللنا الكثيب من زرود لنفزعا

أي لتغيث. ويجوز أن يكون أراد بالكلام الأصحاب، ويكون مثل قول الهذلي:

ولا هرها كلبي ليبعد نفرها ... ولو نبحتني بالشكاة كلابها

فقد فسر في بعض الوجوه على هذا. وكذلك قول تأبط شراً:

ليلة صاحوا وأغروا بي كلابهم

<<  <   >  >>