للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي بعضه ببناء الأخبار. وقال سيبويه: إذا قال الراد وبك أهلا، فإنما يقول: أنت عندي بمنزلة من يقال له هذا لو جئتني. وإنما قال هذا لأن الحال لا تقتضي من الزائر أن يصادف المزور عنده ذلك، فحمل الكلام - وقد اعتيد فيه ما ذكره - على أنه يراد لو جئتني لكنت بهذا المنزلة.

معاذا الإله أن تكون كظبية ... ولا دمية ولا عقيلة ربرب

معاذ انتصب على المصدر. والمعنى أستعيذ بالله أو أعوذ به معاذاً. كأنه أنف وصار يربأ بصديقته أن تكون في الحسن بحيث تشبه بالظبي أو الظبية أو بالصورة المنقوشة، أو بكريمةٍ من بقر الوحش، إذ كانت هذه الأشياء عنده دونها، وقاصرةً عن رتبتها. وقد سلك من المتقدمين امرؤ القيس هذه الطريقة فقال:

كان دمي سقفٍ على ظهر مرمرٍ ... كسا مزبد الساجوم وشياً مصوراً

غرائر في كنٍ وصونٍ ونعمةٍ ... يحلين ياقوتاً ودراً مفقرا

فشبه الدمى بالنساء لا النساء الدمى. ومما يستحسن من هذه الطريقة قول أبي تمام:

كأنما جاد مغناه فغيره ... دموعنا يوم بانوا وهي تنهمل

لأنه شبه الأمطار المغيرة لرسوم الديار بدموع العشاق. في إثر الأحباب يوم الفراق. والعقلية: الكريمة من النساء والدر وكل شيء. والربرب: القطيع من البقر.

ولكنها زادت على الحسن كله ... كمالا ومن طيبٍ على كل طيب

يقال: زدته فزاد وازداد جميعاً. وكمالاً ينتصب على التمييز، والمعنى أنها يزيد حسنها على كل حسنٍ كمالاً، لأنه لا حسن إلا وتدخله نقيصةٌ، سوى حسنها. وكذلك كل الطيب يتخلله حطيطة إلا طيبها. و " من طيبٍ " أي وزادت من طيبها على كل طيبٍ طيباً. والغرض أن يبين لم أنكر لها تشبيهها بغيرها، فقال: هي تترفع عن ذلك: إذ كانت جامعةً للمحاسن، مستحقة للوصف بالكمال، وإذ كان كل واحدٍ من تلك الأشياء استبد بصفةٍ دون صفةٍ، ويتفرد بنوعٍ دون نوع.

وإن مسيري في البلاد ومنزلي ... لبالمنزل الأقصى إذا لم أقرب

<<  <   >  >>