للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خندفٌ. لقبٌ لليلى امرأة الياس بن مضر، لقولها لزوجها يوماً: ما زلت أخندف في أثركم - والخندفة: مشية كالهرولة - فقال لها: وأنت خندفٌ. فلزمها، فصارت مضر نسلين: أحدهما ولد قيس بن عيلان، والآخر خندفٌ. ويروى أن رجلا على عهد الزبير بن العوام ظلم. فنادى: يالخندف. فخرج الزبير وبيده السيف، وهو يقول: خندف أيها المخندف، والله لئن كنت مظلوما لأنصرنك. يقول: عضبت لنسلي مضر خندفٍ وقيسٍ، لما ونى عن معاونتها والنهوض لها نصارها. ويقال ونى يني ونياً، وهو وانٍ. وإنما قال: خذالها ولم يقل نصارها، لأنه وصفهم بما آل إليه أمرهم. وهذا كما يقال قتلت فتيل بني فلان؛ وقد مضى له أشباهٌ وأمثال. فكأن الشاعر تبرع بما كان منه من المدافعة دونهم والمقاتلة عنهم، فلذلك تحمد به. وقال غضبت لهم لما رأيت من وجب نصرتهم عليه خذلهم. وجواب لما ونى، ما هو صدر البيت.

دافعت عن أعراضها فمنعتها ... ولدي في أمثالها أمثالها

هذا تفسير للغضب الذي ذكره وبيان نتيجته. والعرض: النفس، ويستعمل في الحسب. يقول: ذببت عنها ومنعت الأعداء منها، ولدي في أمثالها من القبائل أمثال هذه النصرة. هذا وجه، ويجوز أن يريد ولدي في أمثال هذه النصرة أمثال هذه القصيدة. والقرائن التي تسوغ رد الضميرين إلى جميع ما ذكرناه حاضرةٌ في الكلام قوية.

إني امرؤٌ أسم القصائد للعدى ... إن القصائد شرها أغفالها

هذا يمكن الاستدلال به على صحة المعنى الثاني، ومعنى " أسم القصائد ": أعلمها بما يصير كالسمة عليها، حتى لا تنسب إلى غيري، وحتى يعرف منها السبب الذي خرجت عليه، فمن سمعها عرف قصتها؛ ولهذا قال إن القصائد شرها أغفالها، أي شر الشعر ما لا ميسم لقائله والمقول فيه عليه. ويقال دبةٌ غفلٌ، إذا عرى من الأعلام. وسمعت من يقول في البيت إنه مقلوبٌ، والمراد أسم العدي بقصائدي، كما قال الآخر:

جعلت له فوق العرانين ميسماً

<<  <   >  >>