للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأوابد. ودرك الطريدة وما أشبهه. وكان يجب أن يحرك الياء من مصافي بالفتح، فسكنه لأن منهم من يجري الفتحة في مثله من المعتل مجرى سائر الحركات فلا يثبتها.

بعد الغنى من نفسه كل ليلةٍ ... أصاب قراها من صديقٍ ميسر

يقول: لفرحه بما يناله من كسبه الدني، ورضاه عن أيام بعيشه اللئيم يعد - إذا أصاب القرى لدى صديقٍ ولدت له شياهٌ فاتسع اللبن عنده وفي رحله - الغنى محوزاً له، ومحصلاً عنده، فلا غضاضة تلحقه، ولا أنفة تقبضه. والميسر ضد المجنب، يقال يسر الرجل ويسرت غنمه. وجنب الرجل، إذا قلت الحلوبة في إبله وغنمه. قال:

وكل عامٍ عليها عام تجنيب

وقوله " أصاب قراها " أضاف القرى إلى الليلة على المجاز، والمراد قراه فيها.

ينام عشاءً ثم يصبح ناعساً ... يحت الحصى عن جنبه المتعفر

يقول: ينام هذا الصعلوك لدناءة همته، وقماءة معيشته، واستيلاء الكسل على نفسه ومكسبه قبل الليل، لأن همته في راحته ونومه، وحرصه على ما يسد جوعته به. ثم يأتي الصباح عليه وهو ناعسٌ بعد، غير قاضٍ حاجته من الرفاد، ولا ضجرٍ في مضجعه بالتساقط والانجدال، ينفي عن جنبه ما لصق به من الحصى والتراب، ونشب فيه من دقاق الحصى. وذلك لأنه نام بلا وطاءٍ. وقوله " يحت الحصى " أي يسقطه، فهو قريب من يحط. والعفر: التراب. ويقال عقرته فتعفر.

ولكن صعلوكاً صفيحة وجهه ... كضوء شهاب القابس المتنور

صفحة الرجل وصفيحته: عرض وجهه. يقول: ولكن فقيراً مشرق الوجه صافي اللون، لا يتخشع لفقره، ولا يتذلل إذا أثر الدهر فيه، فكأن ضوء وجهه ضوء نار القابس المتنور. والقابس ها هنا ذو القبس معناه. والقبس: النار، ويكون القابس

<<  <   >  >>