للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإني إذا ضن الأمير بإذنه ... على الإذن من نفسي إذا شيت قادر

أراد بالنجم الثريا، وأكثر ما يعترض هذه اللفظة في استعمالهم معرفاً يراد به الثريا لا غير، ألا ترى قول الهذلي:

فوردن والعيوق مقعد رابئ ال ... ضرباء حلف النجم لا يتتلع

والجوزاء سميت بذلك لأن وسطها أبيض. وحوز كل شيءٍ: وسطه. والوقت الذي يشير إليه يشتد فيه الحر. لذلك قال ساجعهم: " إذا طلع النجم، فالصيف في حدم، والعشب في حطم ". فكأن قائل هذا الشعر استأذن صاحبه في الانتقال إلى البدو فلم يأذن له، فأخذ يتشكى عن مراده بهذا الكلام ويتوجد. ويقول: إذا تناهى الحر وارتفعت الجوزاء في أول الليل إلى كبد السماء، وطلع الثريا عند السحر، فكل مخاضةٍ من جوانب الفرات معبرٌ لي أهرب فيه؛ لأن نضوب الماء ونقصانه يكون في ذلك الوقت. وقوله " والنجم طالعٌ " لو وليه " إذا " فقيل إذا النجم طالعٌ، لم يصلح؛ لأن الجملة التي يبين بها إذا لا بد فيها من فعلٍ، لما يتضمن من معنى الشرط والجزاء. تقول آتيك إذا زيدٌ يأمر. ولو قلت آتيك إذا زيدٌ أميرٌ لم يصلح؛ لكنه لما انعطف على قوله " شالت الجوزاء " حسن حملاً على المعنى، كأنه قيل: وطلع النجم. وهذا إذا كان الواو فيه للعطف، ويجوز أن يجعل الواو واو الحال، يريد إذا شالت الجوزاء في حال طلوع النجم. والعامل في " إذا " ما دل عليه قوله: " فكل مخضات الفرات معابر ". وقوله: " وإني إذا ضن الأمير "، يقول: إذا تمنع الأمير من الإذن لي، وصدني الوقت عن مرادي، وأقدر على جواز المسالح والمراصد، لكونها مشحونةً بالمرتبين فيها، انتظرت غيض الماء وجزره في الفرات، وإمكان الخاضات من العبور والذهاب، فحينئذ آذن لنفسي وأهرب. وإنما قال ذلك لأن المشارع لا تضبط كما تضبط الجسور ومضايق الطرق.

؟ وقال الربيع بن زيادٍ العبسي

حرق قيسٌ على البلا - د حتى إذا اضطرمت أجذما

<<  <   >  >>