للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله " أن تلاقى " يجوز أن يكون موضعه رفعاً بالابتداء، وخبره لأول نصلٍ، والجملة في موضع خبر إن. والتقدير: إن تأبط شراً ملاقاته مجمعاً لأول نصلٍ يجرد. ويجوز أن يكون " يلاقي " في موضع النصب على أن يكون بدلاً من الهاء في " إنه "، كأنه قال إن ملاقاته مجمعاً لأول نصل. والهاء في فإنه يجوز أن يكون لتأبط شراً، وهو الأجود في الوجهين. ويجوز أن يكون للأمر والشأن في الوجه الأول، ويكون تفسيره الجملة. ويجوز أن يكون في موضع الظرف، أي زمن أن يلاقي مجمعاً. والمعنى هو لأول نصلٍ إذا لاقى مجمعاً، أي يقتل بأول نصلٍ يعمل في ذلك الوقت. ويروى " أن يلاقي مصرعا "، والمصرع يجوز أن يكون مصدراً، ومكاناً، وزماناً. وانتصابه يجوز أن يكون على أنه مفعول يلاقي ويجوز أن يكون مفعول يلاقي محذوفاً ويكون مصرعاً في موضع الحال؛ كأنه قال أن تلاقيه ذا مصرعٍ، أي مصروعاً، فحذف المضاف.

فلم تر من رأيٍ فتيلاً وحاذرت ... تأيمها من لابس الليل أروعا

يقول: لم تر هذه المرأة من الرأي لما قبلت مشورة الناس وتمنعت من مناكحتي ما يوازي فتيلاً، أي ما يغنى غناء فتيل. وقد حذرت بقاءها أيماً من رجلٍ ركاب الليل لا يفارقه فيما يهمه، فكأنه لبأسه ذكي القلب شهمٌ. والقتيل والنقير والقطمير يضرب المثل بها في حقارة الشيء. والأروع يكون الحديد القلب المروع الفؤاد، ويكون الجميل. وقوله " وحاذرت " في موضع الحال والأجود أن يضمر معها " قد " أي لم تر فتيلاً من الرأي محاذرة.

قليل غرار النوم أكبر همه ... دم الثأر أو يلقى كمياً مسفعاً

هذا من صفة لابس الليل. فإن قيل: ما معنى قليل غرار النوم؟ وإذا كان الغرار القليل من النوم، بدلالة قولهم ما نومه إلا غراراً، فكيف جاز أن تقول قليل غرار النوم، وأنت لا تقول هو قليل قليل النوم؟ قلت: يجوز أن يراد بالقليل النفي لا إثبات شيءٍ منه، والمعنى: لا ينام الغرار فكيف ما فوقه؟ ويجوز أن يكون المعنى نومه قليل ما يقل من النوم، أي نومه قليل القليل، يريد به أنه مسهدٌ، وأن أكابر ما يهتم له طلب دم الثأر، أو ملاقاة كميٍ مسفع الوجه، لدوام تبذله للسمائم، وتسياره في الهواجر. والكمي: الذي يكمي شجاعته لوقت الحاجة إليه، وقيل هو الذي يتكمى في سلاحه، وقوله " أو يلقى " أن مضمرةٌ بين أو والفعل، ولولا ذلك لم يجز عطف الفعل

<<  <   >  >>