للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول: علمنا بالاختبار في طلاب العلو، والاجتهاد في منال أقصى السمو، تمكن بيت أبينا من ذروة المجد والشرف، فمحله فائتٌ لا يلحق، ومطلعه معجزٌ لا يمكن، إذ كان مداه الغاية التي ليس وراءها مستشرفٌ لناظرٍ، ولا منالٌ للاحق.

فمن يسع منا لا ينل مثل سعيه ... ولكن متى ما يرتحل فهو تابعه

يقول: من طلب نيل مكانه، أو الارتقاء إلى درجته، بسعيٍ يتكلفه ويجهد فيه نفسه، وقف دونه وقعد به طوقه، وكان أقصى غايته بعد استفراغ مجهوده، أن يكون تابعاً له، وواطناً عقبه؛ فأما مساماته في مدارجه، أو مسامتته في مطالعه، فلا سبيل إليه، ولا مطمع فيه.

وقد سلك الأعشى هذا المسلك فقال:

كلٌ سيرضى بأن يلقى له تبعا

وذكر الارتحال حسنٌ في الاستعلاء مع ذكر السعي. وقد قيل: " لولا السعي لم تكن المساعي ".

يسود ثنانا من سوانا وبدؤنا ... يسود معداً كلها ما تدافعه

الثني: من دون الرئيس، لكنه يليه في الرتبة. والبدء: السيد غير مدافعٍ عن أولية سيادته، فكأن المراد بهما الأول في الرياسة والثاني. وأصله من ثنيت الشيء. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " لا ثنى في الصدقة ". والمعنى أنها لا تؤخذ في السنة مرتين. ويقال ثنيت الشيء ثنياً، ثم يسعى المثنى ثنياً وما ثني به هو أيضاً ثنياً. وعلى هذا الضعف، يقال ضعفت الشيء مخففاً في معنى ضاعفت ضعفاً، ثم يسمى المضعوف ضعفاً بالكسر، والمضعوف به ضعفاً أيضاً. قال لبيد:

وعالين مضعوفاً وفرداً سموطه

<<  <   >  >>