للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: إذا كنت بعيداً عن وطنك وذويك من قبل أبيك، وحاصلاً في بني خالك، ضارباً فيهم بسهم الخؤولة، لكون أمك منهم، فلا تغتر بهم، ولا تعتمد على قرابتك فيهم، فإن التشابك الموثوق به المستصلح لإعداده، إذا كان الالتحام بالأبوة لا بالأمومة. فأما الخؤولة فمشابهةٌ للغربة، بعيدةٌ من القربى والقربة، والمكانفة والنصرة. وهذا المعنى قد كشفه غيره فقال:

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد

قوله " في سعدٍ " يجوز أن يكون خبراً، ويجعل غريبا منتصباً على الحال، ويكون العامل فيه كنت، أو العامل في الظرف. ويجوز أن يجعل في سعدٍ لغواً، ويجعل غريباً خبر كان. وقوله " فلا يغررك " جعل النهي في اللفظ للخال، والمعنى لا تغتر بخالك من سعد، لأن المنهي هو المخاطب. ومثل هذا قولهم: لا أرينك ها هنا. وقول الآخر:

إن الرياضة لا تنصبك للشيب

فإن ابن أخت القوم مصغىً إناؤه ... إذا لم يزاحم خاله بأبٍ جلد

يقول: ابن أخت القوم منحوس الحظ، منقوص الشرب، ممال الإناء والحوض متى لم تنجده أبوةٌ يشتد بها أمومته، وعمومةٌ يتأيد بها خؤولته. وهذه الأمثال مضروبةٌ للهضيمة تلحق فلا يتحرك لدفعها الأخوال وإن كان بين ظهرانيهم، ولأن الحمية إنما يبعثها تراقد بني الأعمام، أو المنتسبين إلى الآباء، وجواب إذا لم يزاحم مقدمٌ، وهو ظرفٌ لإصغاء الإناء. واستعارة الإناء ها هنا كما قال زهير:

ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم

ومن هذه الطريقة قوله:

يا جفنةً كنضيح الحوض قد كفئت ... بئني صفين يعلو فوقها القتر

<<  <   >  >>