للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقال المنخل اليشكري]

إن كنت عاذلتي فسيرى ... نحو العراق ولا تحوري

يستعفي من لومها وتقريعها في تبذير المال وإتلافه، وترك الادخار منه ليومه وغده؛ فيقول: إن كان دأبك إدمان عذلي، والاستمرار في توبيخي، ففارقيني وخذي طريق العراق لا ردك الله. قوله " لا تحوري " دعاء عليها، من قولك حار أي رجع. ومنه قول الناس: " نعوذ بالله من الحور بعد الكور "، لأن النقصان تراجع. ويجوز أن يكون " سيري " دعاء أيضاً، كأنه قال فسيرك الله ولا ردك!

لا تسألي عن جل ما ... لي وانظري كرمي وخيري

قال الخليل: الخير: الهيئة. يقول: اتركي البحث والفحص عن ذخائري ومعاظم مالي، ولكن اعلمي شرفي وكرمي وحسن هيئتي وخلقي. وقوله " وانظري " معناه واعلمي. وعلى هذا قوله تعالى: " يساقون إلى الموت وهم ينظرون "، أي يعلمون ذلك ويتيقنونه. والعرب تضع عبارات طرق العلم في موضع العلم. يقولون: سمعت كذا، بمعنى علمته. وعلى هذا قولنا: سمع الله لمن حمده. ويقولون: ذقت الشيء بمعنى علمته وخبرته. ويقال: شممت رائحة الفضل من فلانٍ، أي علمته.

وفوارسٍ كأوار ح ... ر النار أحلاس الذكور

يقول: ورب فرسانٍ يشتعلون ليلاً ونهاراً، ذكاءً وحميةً، وبأساً ونجدةً، اشتعال النار، ويلزمون ظهور الذكور من الدواب اللزوم الشديد، إذ كان ذلك شأنهم ودأبهم. وجواب رب منتظر. وقوله " كأوار حر النار "، الأوار: التوهج والالتهاب، ولهذا أضافه إلى الحر. ويقال وأرت النار، إذا توهجت، ومنه الإرة. وإذا كان كذلك فالأصل في أوارٍ وؤارٌ، فإما أن يكون قد قلب، فقدم الهمزة، وإما أن يكون لين الهمزة ثم أبدل من الواو المضومة التي هي فاء الفعل همزةً، كما فعل في وقت إذا قيل أفت، فصار أواراً. وقوله " أحلاس الذكور "،

<<  <   >  >>