للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عجلزةٌ، بفتح العين واللام. يقول: رب خيلٍ مغيرةٍ تداركت أوائلها طارداً للوسائق، وأنا على فرسٍ صلبةٍ تجمز فيما تذخر من جريها. وعادة عتاق الخيل أن تبقى من عدوها بقيةً لوقت الحاجة إليها، فمتى استحثت بعد الكد والعمل أعطتها. ولذلك قال كلحبة العريني:

فأدرك إبقاء العرادة ظلعها ... وقد جعلتني من حزيمة إصبعا

فقوله إبقاء العرادة كقوله ها هنا " المدخر ". وجمزى مثله وكرى وهو صفةٌ. وجعل الجمز لمذخور الجري على المجاز، لأن الجمز ومذخور الجرى جميعا للفرس. والحقيقة أنها تجمز في مدخر الجرى. وليس هذا كقولهم هو حسن الوجه، وكريم الأب، إذا كان الحسن والكرم في الحقيقة للأب والوجه، ولكن هو كما يقال فلانٌ ثبت الغدر، نزق المجال، قموص الخبار، وما أشبهه.

جموم الجراء إذا عوقبت ... وإن نوزقت برزت بالحضر

يقال بئرٌ جمومٌ، إذا كان ماؤها ينقطع ويعود سريعاً. ومعنى قوله " جموم الجراء إذا عوقبت " أي جريه يمتد ولا ينقطع إن طلب عقبها لمسابقتها فيه، فكأنه لا آخر لجريها، كالبئر الجموم. و " إن نوزقت " أي إن غولبت فيما يستنزق من سيرها سبقت بعدوها. وكما سمى آخر الجرى العقب سمى آخر الشهر به، فقيل جئت في عقب الشهر، إذا جئت بعد ما مضى، وجئت في عقبه وعقبه، إذا جئت وقد بقيت منه بقيةٌ. ويقال: عاقبت الفرس ونازقته، كما يقال طاولت زيداً وفاضلته، وذلك إذا غالبته في الطول والفضل. ومعنى برزت: تقدمت. والحضر: العدو. ويروى " عوفيت " أي إن طلب عفوها، وليس بجيد. ألا ترى أنه قيل: " أول الجرى نزقةٌ، وآخره عقبةٌ ".

سبوح إذا اعتزمت في العنان ... مروٍح ململمةٍ كالحجر

أراد بها أنها تسبح في جريها إذا اعتزمت في العنان، أي انتحت في العدو وهي ملجمةٌ كثيرة النشاط، مجتمعة الخلق صلبةٌ كأنها حجرٌ. والاعتزام: لزوم القصد في الحضر وغيره وترك الانثناء. وقد اعتزمت الطريق. ويقال اعتزم الفرس على الجري

<<  <   >  >>