للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المداومة والاتصال. أي لم أفتر عن دفاعهم وقتاً واحداً بعد واحدٍ. وهذا كما يقال: جاءني بنو تميم واحداً فواحداً، أي توالوا أفراداً. ومن روى " أطرف فرساناً وألحق فارساً " فالمعنى أسوق فرساناً وأذودهم عني، وقد ألحق في الطرد الواحد بعد الواحد فأصيبه.

ولا يحمد القوم الكرام أخاهم العتيد السلاح عنهم أن يمارسا

هذا الكلام تبرؤٌ من التحمد بما فعل إلى الناس، وترك للتبجح بالدفاع حين دافع، وإظهارٌ لأن مذهب الكرام ذلك وأن الواجب في اعتقادهم ألا يحمد الواحد منهم إذا قاتل دونهم، أو مارس الشدة فيهم ولهم، متى كان تام السلاح، مزاح العلل، إذ كان ذلك دأبهم ودينهم، وإذ كان سبيله فيما يأتيه كمن يؤدي الفرض الذي لا يحتمل التضجيع، والحتم الذي لا يسوغ التجوز فيه والتأويل. وقوله " عنهم " يتعلق بالعتيد السلاح، ولا يجوز أن يتعلق بيمارس، لأنه لو كان كذلك لكان في صلة أن، فلم يجز تقدمه عليه. ويكون المعنى: أخاهم المعد السلاح عنهم، النائب منابهم. ومعنى أخاهم الواحد منهم، كما يقال: يا أخا بكرٍ أو تميمٍ.

[وقال محرز بن المكعبر]

نجى ابن نعمان عوفاً من أسنتنا ... إيغاله الركض لما شالت الجذم

قال الخليل: الإيغال: الإمعان في السير مع دخولٍ فيما بين جبالٍ أو في أرض العدو. وقال غيره: هو الإسراع في إبعادٍ. يقول: أنقذ هذا الرجل من رماحنا استعجاله فرسه، واستحثاله بالركص إياه، لما رفعت بقايا السوط تخوف بها الخيل، ويستدر منها العدو. وهذه إشارةٌ إلى وقت الانهزام وجد الطالبين في اللحاق. والركض ينتصب على أنه مفعولٌ من الإيغال، كما يقال أبعد السير، وأسرع السير. ويجوز أن يكون مصدراً موضع الحال، كأنه قال إيغاله راكضاً. وأدخل الألف واللام على حد دخولهما في قوله:

فأرسلها العراك

<<  <   >  >>