للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يباشر الشدائد، ولم يدفع إلى مضايق المجامع. فيقول: انحرف متماسكاً لا يسقطك تزاحم الناس. والتقطير: الإلقاء على أحد القطرين، وهما الجانبان، وكأنه يخاف عليه أن يداس بالقوائم، كما يخاف على الصبيان والنساء، لقلة غنائه، وضعف ثباته. وهذا في بابه أبلغ ما مر بي. وفي طريقته قو حجل بن نضلة:

جاء شقيقٌ عارضاً رمحه ... إن بني عمك فيهم رماح

وقول سبرة بن عمرٍو الفقعسي:

لا شيء يعدلها ولكن دونها ... خرط القتاد تهاب شوكتها اليد

وفي هذا تعريضٌ أيضاً. ومن التعريض ما أنشدته عن اليزيدي قال: أنشدني الأصمعي:

فدع شوك السيال فلا تطأه ... وخض إن خضت ماءً غير غمر

وقول الآخر:

فأرضك أرضك إن تأتنا ... تنم نومةً ليس فيها حلم

أتسأل السوية وسط زيدٍ ... ألا إن السوية أن تضاموا

يخاطبه مقرراً ومتوعداً. والتقرير بألف الاستفهام ولا حرف نفيٍ معه يكون فيما لا يثبت ولا يستجاز كونه. والسوية: الإنصاف؛ وهي من الاستواء كالجريمة والدنية والخطيئة. وزيدٌ: قبيلة المخاطب. فيقول على وجه الإنكار والهزء: أتسأل إنصافك وأنت وسط رهطك وفيما بين عشيرتك ومحل عزك. ثم قال: إن من السوية اهتضامكم وضيمكم، وهذا من باب إبدال الشيء من الشيء. كقول الآخر:

تحية بينهم ضربٌ وجيع

والضرب لا يكون تحيةً. والمعنى: أنهم يعطون بدل الإنصاف الظلم، لأنهم لا يستحقون غيره، ولأن النصفة لا تصلحهم ولا توافقهم.

<<  <   >  >>