للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقفر: الصائر في القفر، وهو المكان الخالي. وانتصب جو على الظرف، ومقفراً على الحال.

ومعنى الأبيات: كما نرى أنفسنا ياسمية بهذا الوادي، ونحن ننتقل في هذه المراتع التي ذكرتها، ونتحول بين هذه المناجع التي عددتها الحاصلة في جو الأرضين المستوية، وفي أثناء الأرضين المقفرة، ولا أرض أكثر خصباً من أرضك وخيراً، وأندى مذانب وتلاعاً، وأحوى لبيض النعام، وأجمع لخضر الرياض التي يستوطنها الوحوش من البقر وغيرها؛ وثورها يحفظ قطيعه وكأنه لنشاطه إذا جأر فحلٌ متغضبٌ أيام أمنا عادية النوى. وبائقة الدهر والأذى، ولم تخف نساؤنا من ترامي الغربة، وتقاذف الشقة، ولم يقع بين العشائر حرب الفساد، وضرر التهاجر والبعاد، ونحن متديرون ومقيمون، وفي أنواع النغمة والنعمة مترددون، ولدار السلامة والخفض مستوطنون.

وهذا الكلام تحسرٌ في إثر أيام السلامة، وتشكٍ من أيام الفتنة.

وقوله إذ الخاف ظرفٌ لقوله ولقد أرانا. وقوله قبل الفساد بدلٌ منه، والمذانب: مسايل المياه. ومعنى أكثر منك بيض نعامةٍ أكثر من أرضك، فحذف المضاف، وانتصب بيض على التمييز. وقوله ومذانباً انتصب على أنه معطوفٌ على بيض نعامةٍ، وتندى في موضع الصفة للمذانب، أي ندية، وكذلك " وروضاً " و " معيناً ". المعين: الثور الكبير العين، والصوار: القطيع، واشتقاقه من صرته أي قطعته. والحدوج: المراكب، ونسب الخوف إليها مجازاً، لأن المراد بها النساء، وقوله متخمط شبه الثور بفحلٍ له سورةٌ وجبلةٌ، لاهتياجه وغضبه، ومنه قيل للبحر إذا التطمت أمواجه: هو خمط التيار. والقطم: الهائج. وبربر: صوت. وقذف النوى: رميه. وقوله قبل الفساد يريد قبل حرب الفساد، وإنما سميت بهذا الاسم لأن بعضهم كان يشرب في قحف رأس صاحبه إذا قتله، وبخصف نعله بأذنه، إظهاراً للتشفي. وانتصب إقامةً على أنه مصدر لعلةٍ، ويجوز أن يكون في موضع الحال، فتقدير الأول: لا تخاف قذف النوى لإقامتنا وتديرنا، وتقدير الثاني: لا تخافه مقيمين ومتديرين. ويقال ما بالدار ديارٌ، وداريٌ، ومنه قوله:

لبث قليلاً يلحق الداريون

<<  <   >  >>