للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصل في تدير الواو ولكنه بنوه على ديارٍ، لإلفهم له بكثرة تردده في كلامهم.

وقال إياس بن مالكٍ

سمونا إلى جيش الحرورى بعدما ... تناذره أعرابهم والمهاجر

يقول: سمت أبصارنا ونفوسنا، وارتفعت هماتنا إلى محاربة الحرورية - وهم فرقةٌ من الخوارج - بعد اشتداد شوكتهم وتكاثف عدتهم، وحين تحامى جيشهم بادى الناس وحاضرهم، حذر ناحيتهم وقصدهم عربيهم ومهاجرهم. وأراد بالمهاجر من ترك البدو وانتقل إلى الأمصار.

بجمعٍ تظل الأكم ساجدةً لهم ... وأعلام سلمى والهضاب النوادر

الباء من قوله بجمعٍ تعلق بسمونا، يريد قصدناهم بجيش كثيفٍ يلحق الحزن بالسهل، ويسوى الهضاب بالأرض إذا سار عليها لكثرته. وهذا كما قال الآخر:

ترى الأكم منه سجداً للحوافر

وأصل السجود الخضوع، كأنها تصير لها تراباً. والأكم: جمعٌ، يقال أكمةٌ وأكمٌ، وإكامٌ وأكمٌ. وسلمى: أحد جبلي طيئٍ. والهضاب: جمع هضبةٍ، وهي ما انبسط على الأرض من الجبال. والنوادر: المرتفعة، وكل شيءٍ زال عن مكانه فقد ندر؛ ومه نوادر الكلام. وجعل لسلمى أعلاماً لامتداده واتصال جبالٍ به.

فلما ادر كناهم وقد قلصت بهم ... إلى الحي خوصٌ كالحني ضوامر

أدرك: افتعل من الإدراك، وهو في معنى أدرك. وقلصت: ارتفعت. وقد كنى عن طول القوائم بالتقليص فقيل في وصف الفرس مقلصٌ، والمراد ذلك. يقال للمشمر: هو مقلص أسفل السربال، كما قيل هو مشقوق ذيل القميص. والحني: القسي، سميت بذلك لانحنائها؛ فهو فعيلٌ بمعنى مفعول، فيقول: حين لحقناهم كانت خفت بهم وشمرت إلى الحي خيل غائرة العيون، لاحقة البطون، كأنها في

<<  <   >  >>