للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تبكي عواليهم إذا لم تختضب فعالية الرمح وغيره أعلاه، وقيل العالية القناة المستقيمة. وقوله إذا لم تختضب يقال خضب الرجل شعره، واختضب. ولا يذكر الشعر معه، وقد يكون اختضب في مطاوعة خضب. ومعنى البيت: لكنهم كانوا خلصاً عرباً مع عربٍ، عودوا رماحهم أن تسقى دماء الصدور والقلوب، فإذا انقطع شربها عنها تبكي تحسراً عليه، ووجداً به. وهذا مثل.

ويعنى بثغر اللبات: هزمات التراقي وحجب الأفئدة. ويقال لببٌ ولبةٌ، ولذلك روى: من ثغرٍ الألباب واللبات. والمعنى أنهم بصراء بالطعن فلا يصيبون إلا المقتل.

وقال برج بن مسهرٍ الطائي

إلى الله أشكو من خليلٍ أوده ... ثلاث خلالٍ كلها لي غائض

جعل شكواه إلى الله عز وجل، ليأسه من معونة المخلوقين فيما يتألم منه ويتضجر به. يقول: أشكو ثلاث خلالٍ من صديقٍ لي أميل إليه، وأخلص الواد له، وكل واحدة من تلك الخلال يهزلني وينقص من لحمي، ويكسر من نشاطي. ويقال غاض الماء وغضته أنا، وفي القرآن: " وغيض الماء " فهي من باب فعلت الشيء ففعل. قال الشاعر:

فلا راكدٌ يجري ولا هو غائض

فمنهن ألا تجمع الدهر تلعةٌ ... بيوتاً لنا يا تلع سيلك غامض

يجوز أن يروى تجمع بالنصب والرفع، فإذا نصبت فلأن أن قبله هي الناصية للفعل، وإذا رفع فأن تكون مخففةً من الثقيلة، أراد أنه لا تجمع، والهاء ضمير الأمر والشأن. ومثله في القرآن: " أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولاً "، قرئ يرجع بالرفع والنصب، حملاً على الوجهين المذكورين. والتلعة: أرضٌ مرتفعةٌ يتردد فيها السيل إلى بطن الوادي. ويقال: فلانٌ لا يوثق بسيل تلعته، إذا كان غير صدوقٍ في أخباره. وباب التعل كله يدور على الإشراف والارتفاع. وقوله " يا تلع سيلك غامض " يسمى نقاد الكلام مثله التفاتاً، فهو مثل قول جرير فيما حكى عن الأصمعي:

متى كان الخيام بذي طلوحٍ ... سقيت الغيث أيتها الخيام

<<  <   >  >>