للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرب، ومأزقٌ مفعلٌ منه. وقال متضايق لأن ضيق المكر في المعارك يحصل شيئاً بعد شيءٍ. فيقول: فرق بيني وبين فتيان أحببت الكون معهم، وأوجبت على نفسي ممالأتهم ومساعدتهم، في وقتٍ كنت خليقاً بالثبات معهم، وإظهار البلاء في نصرتهم، وكانوا مدفوعين منه إلى ضنك مجالٍ مثلي يستدعى له، ويستنهض للإعانة فيه.

وعض على فأس اللجام وعزني ... على أمره إذ رد أهل الحقائق

هذا بيان جماح فرسه وتأبيه عليه، فيقول: ركب رأسه وغلبني على أمره، فلما كر أهل الحقائق لم أقدر على الكر معهم، ولا ملكت رد فرسي مع ردهم. وأهل الحقائق هم الذين يبلغون فيما يلونه ما يحق ويجب. ويقال حققت العقدة، إذا شددتها.

فقلت له لما بلوت بلاءه ... وأبى بمتعٍ من خليلٍ مفارق

يروى: وأبنا تمتع. وله، الضمير للفرس. كأنه كان يخاطبه متحسراً ويباثه متلهفاً، ويقول بعد أن مني منه بما مني، وابتلى من نفرته وركوب رأسه بما ابتلي: من أين لي الاستمتاع من خليل فارقته، وكيف أساعده وأتحمل عنه ثقلاً وقد باعدت بيني وبينه. فقوله وأني بمتعٍ في موضع المفعول لقلت. ويقال متع بكذا واستمتع، ومتعه الله به وأمتعه. ومن روى: وأبنا تمتع يدخل وأبنا في جملة ما اتصل بلما، ويكون المعنى: ولما بلوت بلاءه وأكرهني على مراده، فانصرفنا من مقصدنا، قلت له مقرعاً ومتوجعاً: الآن تمتع من أجلٍ خليل بعدت بيني وبينه. كأن تفجعه امتد أولاً وآخراً، وقبل الأوبة وبعدها وجواب لما في الوجهين قوله فقلت بما اتصل به.

أحدث من لاقيت يوماً بلاءه ... وهم يحسبون أنني غير صادق

يقال حدثته كذا وبكذا، فيحمل على خبرته كذا وبكذا، ونبأته كذا وبكذا. قال الهذلي:

ولكن خبروا قومي بلائي

وقال الآخر:

وأنبأته أن الفرار خزايةٌ

<<  <   >  >>