للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا قول امرئ القيس:

فجئت وقد نضت لنومٍ ثيابها

ويقال نضى سيفه وانتضى بمعنىً. وقوله " بعد ذاك " إن قيل لم لم يقل بعد تلك، والإشارة إلى قوله مائةٌ؟ قلت: لم يراع تأنيث المذكور وتذكيره، بل أراد ما ذكرت. على ذلك قول ذي الرمة:

ومية أحسن الثقلين خذاً ... وسالفةً وأحسنه قذالا

ألا ترى أنه لم يقل وأحسنهما. وقوله وخمسٌ تباعٌ يقال تبع تباعاً، فهو مصدرٌ وصف به. ويقال أيضاً رميته بسهمين تباعاً، أي زلاءً، وتابع بينهما فلانٌ تباعاً.

وخيلٍ كأسراب القطا قد وزعتها ... لها سبلٌ فيه المنية تلمع

تذكر بما كان منه عند تعالي سنه وتناهي عمره، ما كان منه في ريعان شبابه، وعند استكمال قوته وترامي الأحداث به، فيقول: رب خيلٍ تمتد وتتوالى مبادرةً إلى الملتقى، وتسترسل استرسال فرق القطا عند اندفاعها للورد، أنا بعثتها وهيجتها، ولها عارض يمطر بالموت ويلمع. والسبل: المطر. ورواه بعضهم: " لها أسلٌ " وهي الرماح. وقوله قد وزعتها يجوز أن يكون معناه كففتها عن التعجل، ويجوز أن يكون قسمتها للتعبئة أو الغارة، لأنه يقال وزعت الشيء ووزعته جميعاً؛ وعنده أوزاعٌ من الناس، أي فرقٌ، وعلى الوجهين فتدبيرها كان إليه. وقوله قد وزعتها من صفة الخيل، لأن جواب رب فيما بعده، ولها سبلٌ في موضع الحال. وقوله فيه المنية من صفة السبل، ويلمع في موضع الحال للمنية، والعامل ما يدل عليه الظرف.

شهدت وغنمٍ قد حويت ولذةٍ ... أتيت وماذا العيش إلا التمتع

قوله شهدت جواب رب، فيقول: رب خيلٍ على هذه الصفة حضرتها مدبراً لها، ورب غنيمةٍ تغنمتها وتوليت قسمتها، ورب لذةٍ أتيتها ونلت منالي منها. ثم أقبل كالمتلفت إلى غيره، فقال: وما العيش إلا التمتع بهذه الأشياء. ارتفع " العيش " على

<<  <   >  >>