للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله لا وجد خبره محذوف، كأنه قال: لا وجد حاصلٌ أو موجود. والخفقان في القلب والجناح: الاضطراب، ومنه خفق البنود والأعلام، حتى سمى الأعلام خوافق. قال:

لقد تركت عفراء قلبي كأنه ... جناح عقابٍ دائم الخفقان

وقال مسلمٌ أيضاً:

قبرٌ بحلوان استسر ضريحه ... خطراً تقاصر دونه الأخطار

نفضت بك الأحلاس نفض إقامةٍ ... واسترجعت نزاعها الأمصار

قوله استسر بمعنى أسر، ومثله استعجب بمعنى عجب. وأكثر ما ترى استسر يكون في معنى استخفى وتوارى. على ذلك قولهم في آخر الشهر استسر القمر ليلةً أو ليلتين، فهو من السرار، وهو آخر يومٍ في الشهر، والخطر: ارتفاع المكانة والحال في الشرف، ثم يقال في الشريف: هو عظيم الخطر. والضريح، أصله القبر يشق وسطه ولا يلحد. وارتفع قبر بالابتداء لأنه بصفته وهو بحلوان قرب من المعارف؛ واستسر في موضع الخبر. والمعنى: قبر بهذا المكان اشتمل جوفه على عظيمٍ من العظماء، رفيع المكانة جليل الخطر، يتقاصر عنه كل عظيمٍ جليل. وقوله خطراً أراد ذا خطر، فحذف المضاف، وكذلك الأخطار، أراد ذوو الأخطار. وقوله تقاصر يجوز أن يكون من القصور: العجز، أي تعجز أن تبلغ محله الأخطار. ويجوز أن يكون ضد تطاول فيكون من القصر.

وقله نفضت بك الأحلاس نفض إقامةٍ يريد أن العفاة قعدوا عن الاجتداء بعد موتك يأساً ممن يطمع فيه، أو يرجى خيره، فنفضوا أحلاس رواحلهم نفض من يقيم في بلاده ويطرح الترحال. وقوله استرجعت نزاعها ممن يتعطف عليهم، أو يصطنعهم وينظر لهم، فكأنهم كانوا ودائع الأمصار عنده مدة مقامهم ببابه فارتجعتهم. والنزاع: جمع نازع، وهو البعيد والغريب جميعاً، وكذلك النزيع والجميع النزائع. ويجوز أن يكون

<<  <   >  >>