للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتقول: بين هذا الفتى وبين من يزجى في الفتيان مهواة بعيدة، حتى لا التقاء ولا تداني.

إذا انتضل القوم الأحاديث لم يكن ... عيياً ولا عبئاً على من يقاعد

أصل الانتضال والنضال في الرماء، ثم يستعمل توسعا في المفاخرة وقت المنافرة، ومجاثة الخصوم لدى المناقرة. ألا ترى لبيداً يقول:

فانتضلنا وابن سلمى قاعد ... كعتيق الطير يغضى ويجل

ثم قال:

فرميت القوم رشقاً صائباً ... ليس بالعصل ولا بالمفتعل

فيقول: إذا تجاذب القوم أطراف السمر والأخبار، وتنازعوا قصص الفرسان والأيام، ودسوا في أثناء المسارة روائع التبجح والمكاثرة، لم يكن حاجزاً فيما بينهم فدماً، ولا ضعيف التصرف بكياً، ولا كان ثقيلاً على جلسائه، سيئ العشرة لخلطائه، بل كان حسن المجلس معهم، مستحلى المنادمة بينهم، خفيف الوطأة عليهم.

ومن روى: ولا رباً على من يقاعد فإنه يريد: لا متكبراً على جليسه فعل ذي الملكة والسلطان؛ والآخذ على مصطنعه بالاعتلاء والامتناع.

[وقال كعب بن زهير]

لقد ولى أليته جوى ... معاشر غير مطلول أخوها

كان جوى على ما دل عليه الكلام حلف في وجوه ناكبيه والعازمين على قتله، أنهم لا يستمرئون فعلهم ذلك، وأن عشيرته وأصحابه سيطلبون دمه ويدركون ثأره، فكانوا عند ظنه بهم من غير إهمال ولا تضجيع. فيقول: جعل جوى ولاية يمينه التي أقسم بها إلى معاشر لا يبطل دم صاحبهم ولا يهدر، بل لا ينامون ولا ينيمون حتى

<<  <   >  >>