للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقال أبو صفرة البولاني]

زكيرة وابنا أمة الهم والمنى ... وفي الصدر منهم كلما غبت هاجس

أودهم وداً إذا خامر الحشا ... أضاء على الأضلاع والليل دامس

بني رجل لو كان حياً أعانني ... على ضر أعدائي الذين أمارس

يعني بزكيرة وأخويه أولاد أخيه، وكان توفى والدهم فصار هو كافلهم. فيقول: هم الذين أهتم لهم، وأتمنى خيرهم وبقاءهم، وأقصر همي على ما تستقيم به أحوالهم، وتستتب له أمورهم، ومتى غبت عنهم كان في صدري هاجس من الفكر فيهم، وسانح من التوفر عليهم، يحولان بيني وبين الذهاب عنهم؛ فجسمي غائب عنهم، وهواي حاضرهم. فهذه التي أشار إليها نتائج العناية بهم، ومسببات الرعاية في النيابة عن اخيه فيهم. ثم أخذ يذكر ما غرسه الحب في قلبه لهم، ورعاه صدره من التحنن والشفقة في بابهم، فقال: أودهم وداً إذا خالط الحشا في ظلمة الليل أضاء على الأضلاع. وإنما قال هذا لأن الشيء إذا أشرق بالليل وعند التباس الظلام، فهو بالنهار أولى بالأشراق. فكأن المعنى أن طلائع حبهم في مكامن صدره مضيئة الأرجاء، نيرة الأكناف، في كل حال ووقت.

وقوله (بني رجل) يعني أخاه، كأنه ذكر ما يقتضيه في أمرهم بما يأتيه، فأشار إلى الدواعي القائمة بينه وبين أولاد الأخ، فقال: أذكر بني رجل لو كان في جملة الاحياء لأعانني على الأعداء، وأنصفني من الزمان، ودفع عني من مضراتهم ومناكداتهم ما يخفف معه ظهري، ويقوى فيه نهوضي وجذابي.

[وقال الغطمش]

من بني شقرة بن كعب بن ثعلة:

ألا رب من يغتابني ود أنني ... أبوه الذي يدعى إليه وينسب

على رشدة من أمة أو لغية ... فيغلبها فحل على النسل منجب

قوله (من يغتابني) من نكرة ويغتابني في موضع الصفة له، و (ود أنني) جواب رب. فيقول: رب إنسان يأكل لحمي بظهر الغيب ويتنقصني، ومع ذلك

<<  <   >  >>