للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله (ليوم حفاظ) اللام تعلق بقوله نبادله، أي نبادل به لهذا الشأن، وهو أن يحافظ على حسبه محافظة الكرام، أو يدافع الكرائه والشدائد لدى الجدل والخصام، في وقت من الزمان يعز من العشير من يكفيه الهضمية، وترى الناهض بالأثقال لتضاعف المؤن والبلايا يعيا بما يحمله فيعده داء عضالاً. وأصل العضل: المنع والتضييق. ويقال عضلت المرأة وعضلتها، إذا منعتها من التزويج. وعضلت، إذا عسر ولادها.

وذي تدرا مالليث في أصل غابة ... بأشجع منه عند قرن ينازله

قبضت عليه الكف حتى تقيده ... وحتى يفي للحق أخضع كاهله

قوله (وذي تدرا) الواو عاطفة، وانجر ذي بإضمار رب. وتدرأ: تفعل من الدرء، وهو الدفع بشدة. فيقول: رب رجل هكذا ما الأسد في خدره بأقوى قلباً منه نظير له في بأسه وشدته ينازله. فقوله (ما الليث) إلى آخر البيت، من صفة ذي تدرا. والغابة: الأجمة. وإنما قال (في أصل غابة) إشارة إلى دخوله وتمكنه من غايتها. والمنازلة إنما تكون عند تضايق المجال وتداني أطراف موضع الالتقاء، عن الإقدام والإحجام.

وقوله (قبضت عليه الكف) يقول جمعت عليه قبضتك فمنعته عن الانفصال عند الخروج من إسارك، حت أمكنك من الاقتياد منه، وحتى عاد كاهله خاضعاً للحق راضياً به. والخطاب بجميع هذا للمرثى. وإنما يصفه بحسن الثبات في معاركة الخصوم ومزاولتهم، وأنه باقي الصبر في استيفاء الحقوق عليهم. وقوله (كاهله) يجوز ان يرتفع بقوله يفى ويجوز أن يرتفع أخضع فيكون خبراً مقدماً وكاهله يكون مبتدأ. والأخضع: الذي في عنقه انخفاض وتطاطؤ.

فتى كان يستحي ويعلم أنه ... سيلحق بالموتى ويذكر نائله

راجع الإخبار عنه ثانياً فيقول: هو فتى كان الحياء يملكه فلا يتعاطى ما يقبح ي الأحدوثة، ولا يسمع منكراً إلا ألغاه، ولا رأى مستشنعاً إلا رفضه وأقصاه، ليطيب

<<  <   >  >>