للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلام فيه تأس وتعز، بعد أن اقتص دفنه ومن تولى ذلك منه. ثم قال على وجه التعجب: أي فتى غيبوه ودفنوه؟! يعظم أمره ويفخم شأنه. وقوله (ثمت أقبلت) التاء من ثمت علامة التأنيث، وهو تأنيث الخصلة. وكما تتصل هذه العلامة بالاسم نحو امرىء وامرأة، وبالصفة نحو قائم وقائمة، تتصل بالفعل، والاسم والفعل هما موضعها، إلا أنها في الاسم يبدل منها الهاء في الوقف، وينتقل الإعراب عن آخر الاسم إليها. وفي الفعل يسكن إلا أن يلاقيه ساكن آخر، ويكون تاء في الوصل والوقف جميعاً. وفي الحرفيقل دخوله، وإذا دخل حرك بالفتح، نحو ربت وثمت، وتبقى تاء في كل حال.

وقوله (تحثي معاً) انتصب معاً على الحال. والحثى: أن ترفع يدك بالتراب أو غيره فتفرقه في الجو. قال:

الحصن أدنى لو تآبيته ... من حثيك الترب على الراكب

والحاثياء: تراب يجمعه اليربوع، من هذا: والهيل: أن تجرفة من غير أن ترفع اليد به. ويقال: هلت التراب وأهلته. وفي المثل (محسنة فهيلى) ويقال: (جاء بالهيل والهيلمان) أي بالشيء الكثير، ويجوز أن يكون من هذا، لأن المعنى جاء بما اجتمع هيلاً لا كيلاً.

وفي الطريقة التي سلكها من اقتصاص الحال في الدفن والحثي، قد أحسن من قال:

ألم ترني أبني على الليث بيته ... وأحثى عليه الترب لا أتخشع

كأنى أدلى في الحفيرة باسلاً ... عقيراً ينوء للقيام ويصرع

تخال بقايا الروح فيه، لقربه ... بعهد الحياة، وهو ميت مقنع

ألا تراه كيف صور التهيب منه والإعظام له في تلك الحالة.

<<  <   >  >>