للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البيت الأول يشبهه قول الهذلي:

أبو مالك قاصر فقره ... على نفسه ومشيع غناه

وقوله (تخرق في الغنى) أي تكرم في غناه وتوسع. وهو تفعل من الخرق: الكريم من الرجال، الذي يتخرق بالمعروف.

وقوله (وان قل مال) أراد ماله. ومعنى (لم يضع متنه الفقر) أي لم يورثه اقلاله تخضعاً وتخشعاً حتى تطأطأ ظهره وانخفض شخصه. وان رويت (وان قل مالاً) بالنصب جاز، ويكون فاعل قل ما استكن فيه من ضمير الفتى، وانتصب مالاً على التمييز، كقوله عزوجل: (واشتعل الرأس شيباً) .

وقوله (فتى لايعد الرسل يقضي ذمامه) يريد اذا نزل الأضياف به لايعد اللبن قاضياً ذمام قراهم، ولا كافياً فيما يجب عليه لهم، حتى ينحر جزره، ويوسع مطاعمه. وقوله (أو تنحر) أو بدل من الا، وانتصب الفعل باضمار أن.

وأنشد لسلمة الجعفى يرثي أخاه لأمه:

أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... لك الويل ما هذا التجلد والصبر

ألم تعلمي أن لست ما عشيت لاقيا ... أخي اذ أتى من دون أوصاله القبر

يقول: اني اتسخط ما أقيمه من الهلع فيمن أصبت به، حتى أرجعالى نفسي اذا خلوت بها باللوم والتعنيف، وأقول حل بك الويل، ما الذي يظهر منك من تكلف الجلد والصبر فيما بليت به. أما علمت أني مدة عيشي لا ألاقي أخي وقد حجز بيني وبينه الثرى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وقوله (ألومها) في موضع الحال، (ولك الويل) في موضع المفعول لأقول، و (ما هذا التجلد) استفهام على طريق التقريع والتوبيخ. وارتفع التجلد على أنه عطف البيان. وقوله (ألم تعلمي) تقرير فيما هو واجب، لأن حرف الاستفهام قد ضامه حرف النفي، والاستفهام غير واجب فهو كالنفي، ونفي النفي ايجاب.

<<  <   >  >>