للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحبل به لذلك. ويقال: استمر مرير فلان، إذا استحكم رأيه واستحصف. وعنيزة: موضع.

وقوله (تبين أعقاب الأمور إذا مضت) مثله قول القطامي:

ولا يعلم الغيب امرؤ قبل ما يرى ... ولا الأمر حتى تستبين دوابره

وأكشف منه قول حميد بن ثور:

أشبه غب الأمر ما دام مقبلاً ... ولكنما تبيانه في التدبر

وأعقاب الأمور: أواخرها. ويروي: (تبين أدبار الأمور إذا انقضت) يراد به تتبين. وانتصب (أشباها) على الحال.

إذا افتخرت سعد بن ذبيان لم تجد ... سوى ما ابتنينا ما يعد فخورها

ألم تر أنا نور قو وإنما ... يبين في الظلماء للناس نورها

يقول: مفاخر سعد ومباني مكارمها على ما أسسه قديمنا، وعمره حديثنا، فمتى استعرضت المساعي في منافرة الخصوم لم تجد بنو سعد ما يعتمده فخورها، ويكاثر به خصيمها، إلا ما شيدناه على مر الأيام، وتعاقب الأحوال. فقوله (سوى ما ابتنينا) استثناء مقدم. و (ما) يعد في موضوع مفعول لم تجد.

وقوله (ألم تر) تقرير لمن تصوره مخاطباً فيقول: أما علمت أنا لأهل قو بمنزلة النور للأبصار، فهم بنا يهتدون، وبمعالنا يقتدون، ولمراسمنا يقتفرون، وبسنا رأينا يستضيئون، ولولا ذلك لكانوا يتوقفون في مراشدهم فلا يقضون، ويتحيرون في آرائهم فلا يمضون، كما أن الناس لولا ما يمد به النور أبصارهم في رواكد الظلم حتى يتبينوا المرئيات، ويتميزوا أشباح المدركات على حقائقها، لوقفوا حيارى لا يتقدمون ولا يتأخرون.

ومفعول (يبين) محذوف، والضمير من نورها يعود إلى الظلماء لما كان يتعقبها. وهم يضيفون الشيء إلى الشيء لأدنى تناسب بينهما.

<<  <   >  >>