للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أخضع، ولا أرى إذا فاتني أمر أتحسر في إثره وقد ولى، وأضرب بلدة إحدى كفى بالأخرى، ثوجعاً وتلهفاً، إذا كنت واثقاً بأن الأمور يملكها التغير، وأن الفائت يتلافى، فلا يدوم شيء على حال إلا ريث ما يتسلط عليه انتقال.

وقال الدريدي: تبلد الرجل، إذا تحير في أمره فأقبل يضرب بلدة نحره بيده. وبلدة النحر: الثغرة وما حواليها. وقال الخليل: التبلد: نقيض التجلد وهو استكانة وخضوع. وبلد الرجل، إذا انكسر في العمل وضعف.

وقال آخر:

وإنك لا تدري إذا جاء سائل ... أأنت بما تعطيه أم هو أسعد

عسى سائل ذو حاجة إن منعته ... من اليوم سولاً أن يكون له غد

وفي كثرة الأيدي لذي الجهل زاجر ... وللحلم أبقى للرجال وأعود

هذه الأبيات تشبه قول الآخر:

وأكرم كريماً إن أتاك لحاجة ... لعاقبة إن العضاه تروح

وقوله الأخر:

لا تهين الفقر علك أن ... تركع يوماً والدهر قد رفعه

وقوله (أأنت بما تعطيه أم هو أسعد) تقديره أأنت أسعد بما تعطيه أم هو. وأم هذه هي المتصلة المعادلة لألف الاستفهام، فانعطف هو به على أنت. وقد يجيء الخبر في مثله مكرراً، كقول الشاعر:

بات يقاسي أمره أمبرمه ... أعصمه أم السحيل أعصمه

فيكون التكرار فيه على طريق التأكيد. ويجري (بين) هذا المجرى في نحو قولهم: بين زيد وبين عمرو خلاف، ولو لم يكرر بين لكان الوجه. والشاعر يقول:

<<  <   >  >>