للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخادع عن أطلالها العين إنه ... متى تعرف الأطلال عينك تدمع

عهدت بها وحشاً عليها براقه ... وهذي وحوش أصبحت لم تبرقع

استفاق وأفاق بمعنى صحا. وانبرى: تعرض. وأراد بالصيف المصيف. وقوله (من سعاد) أراد من دار سعاد وأرضيها. و (أما) هي ما النافية أدخل عليها ألف الاستفهام تقريراً او إنكارا. والمراد: لا يحدث القلب بالسلو والإقامة مما تداخله من علائق حب هذه المرأة، وتشبث به فألهاه عن كل شيء، إلا اعترض له تذكر مصيف ومربع من أرضيها بعد التوهم. كأنه كان يقف على منازلهم فيتوهمها بآياتها وعلاماتها، ثم يعرفها. وأكثر ما يذكرون التوهم في الديار يعقبونه بالعرفان دون العلم. وهذا أحد ما نفصل به بين العلم والمعرفة، ولهذا وأشباهه ممتنع من أن نصف الله تعالى بأنه عارف. لذلك، قال زهير:

فلآياً عرفت الدار بعد توهم

أشباهه كثير. وقوله (أخادع عن أطلالها العين) يريد أني إذا وقفت على آثار دارها وجوانب محلها رمت خداع النفس والعين عن تأملها، تفادياً مما يتسلط من الوجد بها، ويتجدد لي من الصبابة نحوها. ولائلا أتذكر بما أتفرس فيها أحوالي قبلها، ولأن العين إذا عرفتها وكفت بالدمع، والنفس إذا تبينتها أشقيت بالوجد.

وقوله (عهدت بها وحشاً) هذا تحسر فيما رأى الدار عليه من الإستبدال وحوشاً، فقال: عهدت بها نساء مبرقعة - يشير بذلك إلى عفافها وقلة تبرجها - كالوحش كمالاً وحسناً، ونفوراً عن الريب، وأرى الآن وحوشاً تختلف فيها غير

<<  <   >  >>