للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن بينات الحب أن كان أهلها ... أحب إلى قلبي وعيني من أهلي

يقول: ومن آيات حبي البينة، وشواهده الصادقة، على تكامله لها، وتناهيه في استحكامها، أني أوثر أهلها على أهلي، وأن رتبتهم في العين والقلب أعلى من رتبة عشيرتي عندي. وقد خلص هذا المعنى عنترة حيث قال:

علقتها عرضاً وأقتل قومها ... زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم

لأن في قضية الهوى والعقل أن حبها مع عداوة أهلها ليس بمتسق ولا متسبب، بل ينافي كل واحد صاحبه، وأن الواجب أنها إذا كرمت عليه فكل متسبب إليها بسبب، ومنتسب بنسب، يجب أن يكون مؤثراً عنده مبجلاً في حكمه.

وأبين من ذلك كله قول الآخر:

وأقسم لو أني أرى نسباً لها ... ذئاب الفلا حبت إلى ذئابها

وقوله (أن كان أهلها) أن مخففة من الثقيلة، أراد أنه كان أهلها، والهاء من أنه ضمير الأمر والشأن، وقد تقدم مثله. وموضع أن بما بعده رفع بالإبتداء وخبره قوله ومن بينات الحب.

[وقال عمر بن أبي ربيعة]

ولما تفاوضنا الحديث وأسفرت ... وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا

فقلت لمطريهن ويحك إنما ... ضررت فهل تستطيع نفعاً فتنفعا

قوله (لما) يحتاج إلى جواب، لأنه لوقع الشيء لوقوع غيره، إذا كان علماً للظرف، فيقول: لما تنازعنا الحديث، واندفعنا فيه، وأشرقت وجوه تلألأ نوراً، استخف أربابها الحسن الجائل في جوانبها، ومنعها من أن يسترها بقناع عجباً بها،

<<  <   >  >>