للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" الوجد " مبتدأ وخبره إلا مع ما بعده. وانتصب " قيد الرمح " على الظرف. ويقال: بيني وبينه قاب قوس، وقيد رمح، وغلةوة سهم. وحكى بعض أهل التفسير في قوله تعالى: " فكان قاب قوسين " أن لكل قوي قابين، وهو ما بين المقبض والسية. وأهل اللغة على ما قدمته.

وقوله " أفي الحق أني مغرم بك هائم " فالمغرم: الذي قد لزمه الحب يقال: حبه غرام، أي لاتفصى منه. ومنه عذاب غرام. والهائم: المتحير. والهيام كالجنون من العشق، ومنه المهيم: الذي يهذي بالشيء ويكثر ذكره. والمعنى أنه لايدخل في الحق ووجوهه، وأنواع قسمه. أن يكون حبي لك غراماً، وحبك لايرجع إلى معلوم، ولايحصل على حد محصور. ويقال: ما هو بخل ولاخمر، والمعنى أنه ليس بشيء يخلص ويتبين.

وقوله " فإن كنت مطبوباً " فالطب: السحر والعلم جميعاً. وهو طب، أي عليم. وفي الحديث: " حين طب " أي سحر. وهو مطبوب، أي مسحور. ومعنى البيت: إن كان الذي بي وأقاسيه داءً معلوماً يعرف دواؤه، فلا فارقى فأني ألتذ به - وهذا هو الفتيانية في الهوى، والتجلد على البلاء - وإن كنت مسحوراً، يريد وإن كان الذي بي لايعلم ما هو، وأعيا الوقوف عليه الأطباء، والعلماء بالأدواء، حتى يسلم للسحر فلا فارقني أيضاً. وإنما قال هذا من عادة العامة، لأنهم كذا يعتقدون في الأوصاب والعلل. ولايجوز أن يكون معنى مطبوباً مسحوراً، لأنه يصير الصدر والعجز لمعنى واحد.

آخر:

تشكى المحبون الصبابة ليتني ... تحملت ما يلقون من بينهم وحدي

وكانت لنفسي لذة الحب كلها ... فلم يلقها قبلي محب ولابعدي

هذا كلام من تجلد في الهوى وادعى التلذذ به وإن برح به وأثر فيه، فيقول: شكا المحبون جناية الصبابة عليهم، وجريرة العشق لديهم، وبودي أني تحملت أعباءها كلها وحدي، وخلص للصبر فيها ولها عفوي وجهدي، وكانت نفسي تنال لذة

<<  <   >  >>