للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثل خبر له مقدم، والجملة في موضع خبر إن، كأنه قال: إني وجدي مثل ما تجدين.

وقوله: " ولكني أسر وتعلنينا " يريد إن عقلي يمسكني، وإن كان وجدي مثل وجدك وبرحي مثل برحك، عن إظهار التألم، وفي القلب ما فيه، وأنت تعلنين وتصيحين.

وقوله: " وبي مثل الذي بك " يقول: إن نزاعي مثل نزاعك، ولكني يؤمن مني أن أهيم على وجهي، إذ كنت أضبط نفسي بما أعطيت من تمييزي وإبقائي، وأنت تعقلين مخافة أن تندي على وجهك، إذ لا مسكة بك، ولا رقبة لك، ولا حياء يردعك، ولا رعة تمسكك.

وقال:

ولما أبى إلا جماحاً فؤاده ... ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل

تسلى بأخرى غيرها فإذا التي ... تسلى بها تغري بليلى ولاتسلي

يقول: لما عصى قلبه وتأبى إلا جماحاً في لجاجته، وخروجاً عن طاعته، ولم تنصرف نفسه عن ليلى شغلاً بتئمير مال، وترقيح عيش، ولا بإرضاء أهل واستصلاح عشيرة، أخذ يطلب السلو عنها في مواصلة غيرها من النساء وشغل القلب بحبها دونها، فإذا التي طلب التسلي بها تبعث على الرجوع إلى ليلى، وتحض على ترك الإيثار عليها، لأنه يظهر من زيادات محاسنها، وأنواع ما توحدت به من فضائلها، ما يدعو إلى التشبث بها، وعمارة هواها. وجواب لما أبى " تسلى ". والجماح من قولهم: جمح الفرس، إذا جرى جرياً غالباً لراكبه. وقوله " فإذا التي تسلى بها " إذا هي هذه التي للمفاجأة، ومن الظروف المكانية لا الزمانية، وما بعده مبتدأ وخبر، فإنه لم يجعل مستقراً.

٤٩٨- اخر:

١- عجبت لبرئى منك يا عز بعدما ... عمرت زمانا منك غير صحيح

<<  <   >  >>