للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عز وجل: " أليت بربكم قالوا بلى ". كأنه قيل له مستفهماً منه: أيحب البخسيل الممسك؟ فقال: بلى وأقسم أيضاً، تأكيداً. والحج: القصد. والنيل: مصدر فلته أناله. وقوله لو تعلمين، كالعذر لها، وقد أقامه مستعطفاً، يصورها بأنها لو علمت ما به كانت لا تستجيز ما يجري عليه.

وقال آخر:

إذا كنت لا يسليك عن من توده ... تناء ولا يشفيك طول تلاق

فهل أنت إلا مستعير حشاشة ... لمهجة نفس آذنت بفراق

يخاطب نفسه متوجعاً لها، ومستوحشاً من الحالة التي منى بها، فيقول: إذا لم تستوفق مع من تحب التباعد عنه، وأخذ النفس بالتفصى منه، ليورثك سلوا دونه، ولم يقرب شفاءك من الداء فيه طول الاجتماع معه، واتصال التردد منه، والمريض في العرف والعادة إذا اشتكى من دواء عولج به نقل إلى ما يضاده، فإن لم يغن سلم لعلته، فكذلك أنت إذا لم ينفعك فيما تقاسيه لا التنائي ولا التداني، فما ذاك إلا غرام، وما أنت فيه إلا مستعير حشاشة، وهي روح القلب، ورمق من حياة النفس وقد آذنت بالمفارقة. والمهجة: خالصة النفس؛ ومنه لبن أمهجان.

[وقال عبد الله بن الدمينة]

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... فقد زادني مسراك وجداً على وجد

أأن هتفت ورقاء في رونق الضحى ... على فنن غصن النبات من الرند

بكيت كما يبكي الوليد ولم تزل ... جليداً وأبديت الذي لم تكن تبدي

الصبا: القبول. يقال: صبت الريح تصبوا صبواً. ومتى هجت، أي متى ثرت واهتجت. يقال: هاج الفحل والريح هياجاً. وهم يخاطبون الريح والبرق إذا كانا من نحو أرض المحبوب. فيقول: متى اهتجت من أرضي نجد فقد زادني سيرك شوقاً، وجدد لي هبوبك على ماكنت أكابده من الوجد وجداً.

<<  <   >  >>