للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: أأن هتفت، يخاطب نفسه مبكتاً فيقول. ألأن صاحت حمامة ورقاء في أول الضحى واقعة على غصن غض من شجر الرند بكيت بكاء الصبى إذا أعياه مطلوبه، وأظهرت العجز عما حملته، وعهد الناس بك فيما مضى من أيامك ولم تزل ثابت القدم فيما ينوبك، دائم الصبر على بلواك، إن هذا منكر.

وقد زعموا أن المحب إذا دنا ... يمل وأن النأي يشفي من الوجد

بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ... على ذاك قرب الدار خير من البعد

على أن قرب الدار ليس بنافع ... إذا كان من تهواه ليس بذي ود

يقول: زعم الناس أن الاستكثار من المحبوب والتداني منه يكسب المحب ملالاً، وأن الاستقلا من زيارته والتنائي عن محله وداره ينتج له سلواً، فداويت بكل واحد من ذلك فلم ينجع؛ إلا أنه على الأحوال كلها وجدت قرب الدار منه خيراً من بعدها عنه، لما توسوس به النفس في الوقت بعد الوقت من طمع فيه، ولتطلع المجاورين له، وتجدد الحديث عنه، إلى كثير مما يعدم في البعاد. ثم رجع فيما أعطى فقال: على أن تقارب الديار لا يكاد ينفع إذا كان المحبوب لا ود له، ولا ميل له. ويروى: ليس بذي عهد، أي لا يبقى على ما عهده عليه.

آخر:

إذا مشت أن تسلى خليلاً ... فأكثر دونه عدد الليالي

فما سلى خيلك مثل نأى ... ولا بلى جديدك كابتذال

معناهما ظاهر بما تقدم، ويقال: بمعنى سلوت. قال:

لو أشرب السلوان ما سليت

وقال آخر:

ألا طرقتنا آخر الليل زينب ... عليك سلام هلى لما فات مطلب

<<  <   >  >>