للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله رسم لقاتلة الغرانق، ابتداء كلام، أي هو رسم دار لامرأة كانت تصيد الغرانق وتقتتلهم بالحب. والغرانق: الشاب الناعم الحسن، بضم الغين، وجمعه الغرانق بفتحها العراعر، والجوالق والجوالق. وقد استبدلت بأهلها وحوشاً فهي خالية لها، وهي رائعة فيها، لا تعدل عنها. وقوله ظلت تسائل، أي تبقى نهارها تسأل عشيرة العاشق عنه وعن استهتاره وعلته، وهي أعرف الناس بأخباره، إذ كانت المتولية لفتنته وخباله. والمتيم: المعبد؛ يقال: تيمه الحب، أي عبده واستعبده. وقوله خلت له، في موضع الصفة للرسم.

وقال آخر:

وما برح الواشون حتى ارتموا بنا ... وحتى قلوبنا عن قلوب صوادف

وحتى رأينا أحسن الوصل بيننا ... مساكتة لا يقرف الشر قارف

قد تقدم القول في ما برح وأنه في معنى ما زال. فيقول: لم ينفك السعاة عن الوشاية والتقاط الأحاديث للنميمة، واستدراج المختلطين بنا، واستشفاف المتبلغين بأخبارنا وأخبار غيرنا، حتى فرقوا بيننا، فأققبلوا يرمي بعضها بعضاً بمصاير أمورنا، وحتى صدفت القلوب، فمال كل من عشيرتنا إلى الاستبدال بموضعه، والانتقال عن جوار صاحبه، وإلى أن رأينا أحين المواصلة بيننا ملازمة السكوت، واطراح الإيحاء والرموز، توقياً من فرقة تتوجه، وتفادياً من تهمة تتسلط. هذا إذا رويت لا يقرف بضم الفاء. ويروى لا يقرف بكسر الفاء، ويكون في موضع الجزم جواباً للأمر الذي يدل عليه قوله مساكتة، لأنه في هذا الوجه مصدر في معنى الأمر، والجملة في موضع النصب على أن يكون مفعولاً ثانياً لقوله رأينا. والمساكتة تكون مواصلة تجعل بدلاً منها. ويكون هذا مثل قول الآخر:

تحية بينهم ضرب وجيع

<<  <   >  >>